لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً)(١) ، قالها الموحدون ، بدليل أنهم أرادوا اتخاذ ذلك المكان موضعاً للعبادة ، حكاه الله عنهم ولم يردع عنه ، ولم يرم فاعله بالشرك والبدعة!.
إنّ هذه الآثار والقباب تكريم لرموز العلم والتُّقى والتضحية في سبيل الدين ، وحفظها هو حفظ النبي صلىاللهعليهوآله ، واحترامها احترامه ، وتعدّ من مصاديق تعظيم شعائرالله ، (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(٢)
هذا اضافة إلى الآثار الوضعية الروحية لتلك الأماكن ، فالمكان الذي تشرف بقدم رسول الله صلىاللهعليهوآله يختلف عن غيره ، كيف لا وقد قال سبحانه وتعالى : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ)(٣) ، وقال في قضية يوسف : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً)(٤) ، وقال : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً)(٥).
ومن المأساة حسبان البعض رأيهم المخالف لهذه الحقيقة القرآنية عين الصواب ، وفرض ما يحسبونه هو الصحيح على عامة المسلمين ، ورمي غيرهم بارتكاب البدعة والشرك ، وعدم اللجوء إلى الحوار العلمي البنّاء ، وعدم الإلتفات إلى الرأي الآخر جملة وتفصيلاً ، ومنها ما ارتكبوه ـ بتفردهم واستبدادهم في الرأي ـ من هدم قباب الأئمة والأولياء ، بحجج واهية ، قاصرة الدلالة والسند.
فتارة تراهم يتهمون المسلمين بأنهم يعبدون الأحجار! لله أبوهم! هذا كلام راجع إلى عدو رسول الله صلىاللهعليهوآله وطريده مروان بن الحكم ، ثمّ تابعه سائر الطغاة
__________________
(١) سورة الكهف : ٢١.
(٢) سورة الحج : ٣٢.
(٣) سورة طه : ٩٦.
(٤) سورة طه : ٩٦.
(٥) سورة طه : ٩٦.