والمنحرفون عن الصراط ، كالحجاج بن يوسف وغيره ، مما يدلّ على الأحقاد الدفينة.
فقد روي أنه : «أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر ـ أي قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فقال : أتدري ما تصنع؟! فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب ، فقال : نعم ، جئت رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم آت الحجر ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله».
رواه أحمد (١) ، وصححه الحاكم والذهبي (٢).
وهذا هو الحجاج بن يوسف الثقفي سفاك دماء المسلمين ، قال لجمع من أهل الكوفة يريدون زيارة قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله : تبّاً لهم! إنّما يطوفون بأعواد ورمة بالية ، هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك؟! ألا يعلمون أنّ خليفة المرء خير من رسوله؟! (٣).
فالويل لمن يحسب أبا أيوب الأنصاري ـ ذلك الصحابي الجليل ـ مشركاً ، ومروان بن الحكم ـ الذي طرده رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولعنه ـ والحجاج موحداً!.
فظهر أنّ هذا هو منطق الأمويين وكلام أتباعهم ، لا مذهب السلف الصالح ، وظهر أن قائل هذه المقالة السخيفة : «عصاي هذه خير من محمد ؛ لأنه ينتفع بها في قتل الحية والعقرب ونحوها ، ومحمد قد مات ، ولم يبق فيه نفع ، وإنّما هو طارش» (٤) ، يتبع مقالة مروان والحجاج وسائر الأمويين الذين بسطوا العنف والتكفير في
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٤٢٢.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٤ / ٥٦٠ ، ح ٨٥٧١.
(٣) الكامل في اللغة والأدب ١ / ١٨٠ ؛ النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ، محمد بن عقيل العلوي / ١٠٦ ؛ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٤٢ ؛ الغدير ١٠ / ٥١.
(٤) انظر : كشف الارتياب / ١٢٧ عن خلاصة الكلام / ٢٣٠ ؛ الدرر السنية ١ / ٤٢ ؛ الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلىاللهعليهوآله ، السيد جعفر مرتضى العاملي ١ / ٣٢.