أوساط المسلمين ، وأخذوا في اعتقالهم وحبسهم وتعذيبهم وقتلهم على التهمة والمظنة ، فالأحرى أن يُتَّبع مذهب السلف الصالح مثل أبي أيوب الأنصاري ، لا مذهب السلف الطالح مثل مروان والحجاج!.
إن من مذهب السلف الصالح التوجه إلى الله والتضرع إليه عند قبور أوليائه ، وهذا لايخرجهم عن دائرة التوحيد إطلاقاً ، لأنهم لايحسبونهم في عرض الله ، لا (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)(١) ، لكنهم أرشد الله الناس إليهم ، وبالتوسل بهم ، حيثما قال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) لوجدوا الله تواباً رحيماً» (٢) ، ولا يوجد هناك فرق بين حياة النبي صلىاللهعليهوآله ومماته ، إذ موته لا يعني مفارقته هذا المنصب ، وهذا هو ما فهمه السلف الصالح.
روى المسعودي في تاريخه : في سنة ثلاث وخمسين هلك زياد بن أبيه .. وقد كان كتب إلى معاوية أنه قد ضبط العراق بيمينه ، وشماله فارغة ، فجمع له الحجاز مع العراقين ، واتصلت ولايته بأهل المدينة ، فاجتمع الصغير والكبير بمسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله وضجوا إلى الله ، ولاذوا بقبر النبي صلىاللهعليهوآله ثلاثة أيام (٣).
فهل يمكن رمي هؤلاء الذين لاذوا بقبر رسول الله صلىاللهعليهوآله وضجوا إلى الله عند مضجع رسوله بالشرك وارتكاب البدعة؟ أليسوا هم ـ وفيهم كثير من الصحابة ـ من السلف الصالح؟
كما أن التبرك بقبورهم له جذور أصيلة من فعل العترة الهادية وسيرة المسلمين وعلى رأسهم الصحابة ، ومن أدلة ذلك :
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٧.
(٢) سورة النساء : ٦٤.
(٣) مروج الذهب ٣ / ٢٦.