وروى الترمذي في صحيحة (١) عن ابن عمر ، وقد سأله رجل من أهل الشام عن متعة النساء ، فقال : حلال ، فقال : إن أباك قد نهى عنها ، فقال ابن عمر : أرأيت إن كان أبي قد نهى عنها وصنعها رسول الله صلىاللهعليهوآله أنترك السنة ونتبع أبي؟
وروى الحافظ أبو نعيم في كتاب الحلية وأحمد (٢) بن حنبل في المسند عن عمران بن حصين في متعة النساء ، واللفظ له ، قال : أنزلت آية المتعة في كتاب الله وعملناها وفعلنا مع النبي صلىاللهعليهوآله ولم ينزل قران بحرمتها ولم ينه عنها حتى مات.
إلى غير ذلك من الأخبار التي يضيق عنها المقام ، ثم إنهم لانحلال زمامهم واختلال نظامهم مع دلالة هذه الأخبار وأمثالها على استمرار الحل إلى زمان عمر ، اعتذروا لعمر في نهيه عنها بأنه إنما نهى عنها لنسخها في زمنه صلىاللهعليهوآله وأن معنى قول عمر في الخبر المشهور (٣) «متعتان كانتا في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حلالا وأنا أنهى عنهما». يعني أخبركم بالنهي عنهما موافقة لنهي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. هذا مع اضطراب أخبارهم التي رووها له في النسخ وعدم إمكان الجمع بينها.
فروى البخاري ومسلم في صحيحهما (٤) عن ابن مسعود قال : «كنا نغزو مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس معنا نساء فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ، ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم قرأ عبد الله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ» (٥).
وروى الترمذي عن ابن عباس (٦) ـ رضياللهعنه ـ قال : إنما كانت المتعة في
__________________
(١) صحيح الترمذي ج ١ ص ١٥٧ ، تفسير القرطبي ج ٢ ص ٣٦٥.
(٢) صحيح البخاري ج ٧ ص ٢٤ كتاب التفسير سورة البقرة طبع سنة ١٢٧٧.
(٣) أحكام القرآن للجصاص ج ١ ص ٣٤٢ و ٣٤٥ ، تفسير القرطبي ج ٢ ص ٣٧٠.
(٤) صحيح البخاري ج ٧ ص ٥ كتاب النكاح ، صحيح مسلم ج ١ ص ٣٥٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤٤٠ ح ٢٦ مع اختلاف يسير.
(٥) سورة المائدة ـ آية ٨٧.
(٦) صحيح الترمذي ج ٣ ص ٤٣٠.