وقول الباقر عليهالسلام (١) «الصداق ما تراضيا عليه قل أو كثر». ويلزمه بطريق عكس النقيض أن ما لم يتراضيا عليه لم يكن مهرا.
احتج الآخرون بوجود المقتضي للصحة وهو الإيجاب والقبول وعدم المانع إذ ليس إلا بطلان المهر ، لكن بطلانه لا يؤثر في بطلان العقد ، لصحة ، عرائه عنه ، بل صحة العقد مع شرط عدمه ، فلا يكون ذكر المهر الفاسد أعظم من اشتراط عدم المهر ، ولأن المهر والعقد غير ان ، ففساد أحدهما لا يوجب فساد الآخر ، ويظهر الغيرية فيما لو عقد بغير مهر ، فإنه يصح بلا خلاف.
وأجيب عن دليل الأولين بأن ما ادعوه من أن بطلان المسمى يوجب عدم الرضا بأصل العقد قياسا على سائر المعاوضات منقوض بما لو ظهر المهر مستحقا ، فإن العقد صحيح بلا إشكال ، مع أنه لو كان كذلك في المعاوضة المحضة فإنها تفسد بظهور استحقاق أحد العوضين ، وبذلك يظهر أنه ليس النكاح كالمعاوضة المحضة ، ومن ثم سماه الله تعالى نحلة (٢) وهي العطية ، وركن العقد يقوم بالزوجين.
وأما ما استندوا إليه من الخبر ، ففيه أن الظاهر أن المراد من الصداق الذي تراضيا عليه هو المهر الذي يذكر في العقد ، لا مطلق المهر ، لأن المهر الواجب مع عدم ذكره في العقد لم يتراضيا عليه ، مع أنه صح أن يكون مهرا ، وأيضا فالظاهر منه كون التراضي في جانب القلة والكثرة مع التعيين بقرينة قوله «قل أو كثر».
__________________
وأنه يشتريها بأغلى الثمن ، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على المعاوضة ، وأن المهر عوض البضع ، ويظهر أيضا من قولهم زوجتك بكذا ، فان الباء للمعاوضة كما في قولك بعث كذا بكذا. (منه ـ رحمهالله ـ).
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٧٨ ح ٣ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٥٤ ح ٥ ، الوسائل ج ١٥ ص ١ ب ١ ح ٣.
(٢) سورة النساء ـ آية ٤.