وأجيب عن دليل الآخرين بالفرق بين عدم التسمية وتسمية الفاسد ، لأنهما في الأول قد تراضيا على عدم المهر ، فصح العقد للرضا به خاليا عن العوض ، إلا أنه يثبت مهر المثل حينئذ ، لأنه العوض شرعا في مثل ذلك ، بخلاف الثاني ، لأن التراضي لم يقع بالعقد خاليا عن العوض والمسمى باطل شرعا ، وغيره غير مرضي به ، فلا تصح للعوضية ، ولا يلزم من تغايرهما مع التعويض تغايرهما مع التسمية ، لأن التراضي إنما وقع على العقد المشخص بالمهر المعين ، فكانا أمرا واحدا مركبا ، فيفوت بفوات أحد أجزائه.
أقول : والمسألة لخلوها عن النص محل إشكال ، سيما مع تدافع هذه الأقوال ، ولهذا توقف العلامة في المختلف ، وكذا شيخنا الشهيد الثاني في المسالك وسبطه في شرح النافع ، إلا أنه في المسالك مع موافقته للعلامة في التوقف قال : إن جانب الصحة لا يخلو من رجحان ، وسبطه قال بعد نقله التوقف عن العلامة : وهو في محله ، وإن كان القول بالبطلان لا يخلو من رجحان ، وقد عرفت في غير موضع مما تقدم عدم جواز الاعتماد في تأسيس الأحكام الشرعية على هذه التعليلات العقلية مع سلامتها من التعارض ، فكيف والحال كما رأيت.
و (ثانيهما) أنه على تقدير القول بالصحة كما هو المشهور بين المتأخرين ، فما الذي يجب؟ قد اختلف الأصحاب القائلون بهذا القول على أقوال :
الأول : إنه يجب مهر المثل مع الدخول كالمفوضة ، ذهب إليه الشيخ في الخلاف وابن إدريس والمحقق ، وعلل بأن عدم صلاحية المسمى لأن يكون صداقا اقتضى بطلان التسمية ، فيصير العقد خاليا من المهر ، ويلزم بالوطء مهر المثل ، لأنه قيمة البضع حيث لا تسمية ، وقد اختلف كلام العلامة هنا ، ففي الإرشاد قيد بالدخول كما ذكره هؤلاء المشار إليهم ، وفي غيره أطلق مهر المثل ، وظاهره وجوب مهر المثل وإن كان بمجرد العقد بدل المسمى حيث تعذر ، وعلى هذا يكون هذا القول منقسما إلى قولين ، وقد نبه عليهما شيخنا الشهيد في شرح نكت الإرشاد ،