ونقل القول بوجوب مهر المثل بنفس العقد عن الشيخ ، وعلل هذا القول بأن العقد وقع بالعوض ، فلا يكون تفويضا ، لكن لما تعذر العوض المعين وجب الانتقال إلى بدله ، وهو مهر المثل.
ورد بأن مهر المثل إنما ثبت كونه عوضا للوطئ حيث لا تسمية ، لا أنه يكون بدلا عن المهر الفاسد ، ولا يبعد أن يكون مراده ـ رحمة الله عليه ـ بما أطلقه هو التقييد بالدخول كما ذكره في الإرشاد ، وإنما أطلق اعتمادا على ظهور ذلك من القواعد الشرعية ، وكيف كان فإنه لو حمل على ظاهره ضعيف جدا لا ينبغي أن يلتفت إليه.
الثاني : إن الواجب قيمته عند مستحليه حتى لو كان المهر حرا قدر على تقدير رقيته ، ونقل عن الشيخ في موضع من المبسوط ، والوجه فيه أن قيمة الشيء أقرب إليه عند تعذره ، ولأنهما عقدا على شخص باعتبار ماليته ، فمع تعذر الشخص يجب المصير إلى المال.
ورد الأول بأن الانتقال إلى القيمة فرع صحة العقد على ذي القيمة ، لأن القيمة لم يقع التراضي عليها ، ورد الثاني بأن تقدير المالية هنا ممتنع شرعا ، فيجب أن تلغى كما ألغى التعيين.
أقول : ومع قطع النظر عن الرد بما ذكر في كل من الوجهين فإن إثبات الأحكام الشرعية بمثل هذه التعليلات العقلية مما منعت منه الآيات القرآنية والسنة النبوية على الصادع بها وآله أشرف صلاة وتحية.
الثالث : الفرق بين كون المهر الذي لا يملكه المسلم متقوما في الجملة كالخمر والخنزير فيعتبر قيمته ، وغير متقوم كالحر فيعتبر مهر المثل ، وتوضيحه أن الحر ليس مالا بالكلية ، فيكون ذكره كالعدم بخلاف الخمر ، فإنه مضمون على المسلم للذمي المستتر وكذا الذمي على مثله ، فتكون المالية فيه ملحوظة في الجملة ، فلا يكون العقد خاليا عن المهر أصلا بخلاف الحر ، وضعف هذا القول يعلم مما سبق ، فإنه مركب منهما.