.................................................................................................
__________________
وتحرير البحث : أنّ الإباحة إذا كانت مالكيّة ـ بأن أباح كلّ منهما ماله لصاحبه ، وتلفت إحدى العينين ـ أمكن إجراء قاعدة السلطنة ، لجواز أخذ العين الموجودة لمالكها مع الضمان. أمّا جواز الرجوع فلأنّ المفروض بقاء العين الموجودة على ملك مالكها ، ومقتضى سلطنة المالك على ماله جواز رجوعه إليه. وأمّا ضمان مالك العين الموجودة لبدل التالف فلأنّ مالكه لم يبح التصرف لصاحب العين الموجودة مجّانا بل بالعوض.
وأمّا كون الضمان بالعوض الجعلي وإن كان مغايرا للبدل الواقعي جنسا أو وصفا فلتراضيهما على ذلك كتراضي الدائن والمديون على الوفاء بغير الجنس.
وبالجملة : فلا بأس بالتمسك بقاعدة السلطنة في الإباحة المالكية.
وأمّا إذا كانت الإباحة شرعية كما إذا قصد المتعاطيان التمليك ولم يمضه الشارع لكن حكم بالإباحة ، فإنّ الإباحة حينئذ شرعية لا مالكيّة ، إذ المفروض عدم قصدهما للإباحة ، وإنّما الحاكم بها هو الشارع ، فيشكل التمسّك حينئذ بقاعدة السلطنة ، لأنّ لازمها تغيير الحكم الشرعيّ ، وهي لا تصلح لذلك ، فإنّ الإباحة الشرعية ثبتت على خلاف سلطنة المالك ، فلا ينهض دليل السلطنة على تغيير هذا الحكم الشرعي ، بل هذه الإباحة ثبتت في موضوع عدم رضا المالك بالتصرف ، لأنّه قصد الملك ولم يحصل ، والمفروض عدم جواز التصرف في العقود الفاسدة.
فالمتحصل : عدم جواز التمسك بقاعدة السلطنة لرفع الإباحة الشرعية.
نعم لا بأس بالتشبث بها لإثبات جواز التصرف في العين بنقل ونحوه من التصرفات غير المنافية لبقاء الإباحة التعبدية ما دامت العين باقية ، نظير بيع العين المستأجرة غير المنافي لبقاء حق المستأجر في المنفعة. وعليه فإذا شكّ في ارتفاع الإباحة الشرعية بتلف إحدى العينين أو برجوع المالك فيرجع إلى أصالة بقاء العقد ، بل مقتضى عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ذلك. إلّا أن يخدش في صدق العقد العرفي على هذه المعاطاة المقصود بها التمليك المفيدة للإباحة شرعا ، فيرجع حينئذ إلى استصحاب الإباحة الشرعية ، ولازم ذلك بقاء حكم الشارع بالإباحة.