(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ). وقال الله : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). فقد فرضت عليهم المسألة ، ولم يفرض عليكم الجواب؟
قال : قال الله ـ تبارك وتعالى ـ : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ) (١).
محمّد بن الحسين وغيره (٢) ، عن سهل ، عن (٣) محمّد بن عيسى ومحمّد بن يحيى ومحمّد بن الحسين جميعا ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو ، عن عبد الحميد بن أبي الدّيلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ ونقل حديثا طويلا. وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : وقال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
قال : الكتاب [هو] (٤) الذّكر. وأهله آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ. أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ بسؤالهم ، ولم يؤمروا بسؤال الجهّال. وسمّى الله ـ عزّ وجلّ القرآن ـ ذكرا ، فقال ـ تبارك وتعالى ـ : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
وفي عيون الأخبار (٥) ، في باب ذكر مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ مع المأمون في الفرق بين العترة والأمّة حديث طويل. وفيه قالت العلماء : فأخبرنا ، هل فسّر الله ـ تعالى ـ الاصطفاء في الكتاب؟
فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ : فسّر الاصطفاء في الظّاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا. فأوّل ذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ.
إلى أن قال : وأمّا التّاسعة ، فنحن أهل الذّكر الّذين قال الله ـ تعالى ـ : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ). فنحن أهل الذّكر فاسألونا إن كنتم لا تعلمون.
فقالت العلماء : إنّما عنى بذلك : اليهود والنّصارى.
__________________
(١) قال في الوافي : «ولم يفرض عليكم الجواب» استفهام استبعاد ، كأنّه استفهم السرّ فيه ، فأجابه الإمام بالآية. ولعلّ المراد : أنّه لو كنّا نجيبكم عن كلّ ما سألتم ، فربّما يكون في بعض ذلك ما لا تستجيبوننا فيه فتكونون من أهل هذه الآية.
(٢) الكافي ١ / ٢٩٥.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : بن.
(٤) يوجد في المصدر مع المعقوفتين.
(٥) العيون ١ / ٢٣١ و ٢٣٩.