عباده ، ومن همزات الشّياطين ، وأن يحضرون» (١).
وخبر خروج النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ليلة الجنّ ، وقراءته عليهم ، ودعوته إيّاهم إلى الإسلام.
وروى القاضي أبو بكر في «الهداية» أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام دعا ربّه أن يريه موضع الشّيطان من بني آدم ، فأراه ذلك ، فإذا رأسه [مثل رأس الحية ، واضع رأسه](٢) على قلبه ، فإذا ذكر الله تعالى ، [خنس](٣) ؛ وإذا لم يذكره ، وضع رأسه على حبّة قلبه.
وقال ـ عليه الصّلاة والسلام ـ : «إنّ الشّيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدّم».
وقال : «وما منكم من أحد إلا وله شيطان» قيل : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : «ولا أنا ، إلّا أنّ الله تعالى أعانني عليه فأسلم» (٤) والأحاديث كثيرة.
فصل في قدرة الجنّ على النّفوذ خلال البشر
المشهور أنّ الجنّ لهم قدرة على النفوذ في بواطن البشر ، وأنكر أكثر المعتزلة ذلك.
أما حجّة المثبتين فوجوه :
الأوّل : أنّه إن كان الجنّ عبارة عن موجود ليس بجسم ، ولا جسماني ، فحينئذ يكون معنى كونه قادرا على النفوذ في باطنه ؛ أنّه يقدر على التصرّف في باطنه ، وذلك غير مستبعد.
وإن كان عبارة عن حيوان هوائي لطيف نفّاذ كما وصفناه ، كان نفاذه في باطن بني آدم ـ أيضا ـ غير ممتنع قياسا عل النفس وغيره.
الثّاني : قوله تعالى : (لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) [البقرة : ٢٧٥].
الثالث : قوله ـ عليه الصلاة والسّلام ـ : «إنّ الشّيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدّم».
وأما المنكرون ، فاحتجّوا بقوله تعالى حكاية عن إبليس : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ
__________________
(١) أخرجه أبو داود في السنن : (٢ / ٤٠٥) كتاب «الطب» باب «كيف الرقى» حديث رقم (٣٨٩٣) ، والترمذي في السنن : حديث رقم (٣٥٢٨) ، وأحمد في المسند : (٦ / ٦) وعبد الرزاق في مصنفه : حديث رقم (١٩٨٣١) والحاكم في المستدرك (١ / ٥٤٨).
(٢) سقط في ب.
(٣) في أ : حبس.
(٤) أخرجه مسلم في صفات المنافقين : (٢٨١٤) باب «تحريش الشيطان» ، وأحمد : (١ / ٣٨٥) ، وأبو يعلى : (٩ / ٧٧) (٥١٤٣) عن ابن مسعود ، وأخرجه ابن حبان : (٢١٠١ ـ موارد) ، والبزار : (٣ / ١٤٦) رقم (٢٤٣٩) ، والطبراني : (٨ / ٣٠٩) عن شريك بن طارق مرفوعا ، والحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» : (٨ / ٢٢٥) وقال : رواه الطبراني والبزار ، ورجال البزار رجال الصحيح.