وإنّما حذفوها حين يضاف الاسم إلى الجلالة خاصّة ؛ لكثرة الاستعمال.
وقيل : ليوافق الخط اللفظ.
وقيل : لا حذف أصلا ، وذلك لأن الأصل «سم» أو «سم» بكسر السين أو ضمها ، فلما دخلت الباء سكّنت السين تخفيفا ؛ لأنه وقع بعد الكسرة كسرة أو ضمّة.
قال ابن الخطيب (١) ـ رحمهالله تعالى ـ : إنّما حذفوا ألف «اسم» في قوله تعالى : «بسم الله» وأثبتوها في قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) [العلق : ١] لوجهين :
الأول : أنّ كلمة «بسم الله» مذكورة في أكثر الأوقات عند أكثر الأفعال ؛ فلأجل التخفيف حذفوا الألف ، بخلاف سائر المواضع ، فإنّ ذكرها يقلّ.
الثاني : قال الخليل (٢) ـ رحمهالله تعالى ـ إنّما حذفت الألف في «بسم الله» ؛ لأنّها إنما دخلت بسبب أنّ الابتداء بالسّين الساكنة غير ممكن ، فلما دخلت الباء على الاسم نابت عن الألف ، فسقطت في الخطّ ، وإنما لم تسقط في (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ؛ لأنّ الباء لا تنوب عن الألف في هذا الموضع ، كما في «بسم الله» ؛ لأنّه يمكن حذف الباء من (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) مع بقاء المعنى صحيحا ، فإنك لو (٣) قلت : اقرأ اسم ربّك صحّ المعنى ، [أما لو](٤) حذفت [الباء](٥) من «بسم الله» لم يصحّ المعنى ، فظهر الفرق.
قال بعضهم : فلو أضيفت إلى غير الجلالة ثبتت نحو : «باسم الرّحمن» هذا هو المشهور ، وحكي عن الكسائي (٦) ، والأخفش ـ رحمة الله تعالى عليهما ـ جواز حذفها إذا أضيف إلى غير الجلالة من أسماء الباري تعالى ؛ نحو : «بسم ربّك» و «بسم الخالق».
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي : ١ / ٩٣.
(٢) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي ، اليحمدي ، أبو عبد الرحمن : ولد سنة ١٠٠ ه في البصرة ، من أئمة اللغة والأدب ، وواضع علم العروض ، وهو أستاذ سيبويه النحوي ، عاش فقيرا صابرا. قال النضر بن شميل : ما رأى الراءون مثل الخليل ، ولا رأى الخليل مثل نفسه ، فكر في ابتكار طريقة في الحساب تسهله على العامة ؛ فدخل المسجد وهو يعمل فكره ؛ فصدمته سارية وهو غافل فكانت سبب موته سنة ١٧٠ ه بالبصرة. من كتبه : «العين» و «معاني الحروف» و «العروض» و «النغم». ينظر : وفيات الأعيان : ١ / ١٧٢ ، وإنباه الرواة : ١ / ٣٤١ ، ونزهة الجليس : ١ / ١٨ ، والأعلام : ٢ / ٣١٤.
(٣) في أ : فلو أنك.
(٤) في أ : ولو.
(٥) سقط في أ.
(٦) علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء ، الكوفي ، أبو الحسن الكسائي : إمام في اللغة والنحو والقراءة ، من تصانيفه : «معاني القرآن» ، و «المصادر» ، و «الحروف» ، و «القراآت» ، و «النوادر» ، و «المتشابه في القرآن» و «ما يلحن فيه العوام». توفي ب «الري» في العراق سنة ١٨٩ ه انظر : ابن خلكان : ١ / ٣٣٠ ، وتاريخ بغداد : ١١ / ٤٠٣ ، والأعلام : ٤ / ٢٨٣.