وقال ابن «منظور» (١) :
«الأول : الرجوع ، آل الشيء يؤول أولا ومآلا : رجع ، وأوّل الشيء : رجعه ، وألت عن الشيء : ارتددت ، وفي الحديث : «من صام الدهر فلا صام ولا آل» أي لا رجع إلى خير ... وأوّل الكلام وتأوله : دبره وقدره ، وأوله وتأوله : فسره».
وعليه :
فالتأويل : إرجاع الكلام إلى ما يحتمله من المعاني.
وقيل : التأويل مأخوذ من الإيالة ، وهي السياسة ، فكأن المؤول ساس الكلام ووضعه في موضعه .. قال الزمخشري (٢) :
«آل الرعيّة يؤولها إيالة حسنة ، وهو حسن الإيالة ، وائتالها ، وهو مؤتال لقومه مقتال عليهم : أي سائس محتكم ، قال زياد في خطبته : قد ألنا وإيل علينا ، أي سسنا وسسنا ...».
وقد ورد لفظ التأويل في القرآن الكريم على معان مختلفة.
من ذلك قوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ ...)(٣) بمعنى التفسير والتعيين.
وقوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(٤) بمعنى العاقبة والمصير.
وقوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ..)(٥) وقوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ..)(٦) بمعنى وقوع المخبر به.
ومن آيات سورة يوسف (٧) أريد بها : نفس مدلول الرؤيا.
ومن آيتي سورة الكهف (٨) بمعنى بيان حقيقة الأعمال التي عملها العبد الصالح ، وليس تأويل الأقوال (٩).
التأويل اصطلاحا :
التأويل عند السلف له معنيان :
ـ أحدهما : تفسير الكلام وبيان معناه ، وبذلك يكون التأويل والتفسير مترادفين ، وهذا ما يعنيه «ابن جرير الطبري» في تفسيره حين يقول : «القول في تأويل قوله تعالى ...»
__________________
(١) اللسان / مادة «أول» ١١ / ١٧١ وما بعدها.
(٢) أساس البلاغة ص ٢٥ ط الشعب.
(٣) سورة آل عمران : الآية ٧.
(٤) سورة النساء : الآية ٥٩.
(٥) سورة الأعراف : الآية ٥٣.
(٦) سورة يونس : الآية ٣٩.
(٧) الآيات : ٦ ، ٣٧ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ١٠٠.
(٨) الآيتان : ٧٨ ، ٨٢.
(٩) راجع : التفسير والمفسرون : ١ / ١٨ ، ١٩.