و «الكتاب» في الأصل مصدر ؛ قال تعالى : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) [النساء : ٢٤] وقد يراد به المكتوب ، قال الشاعر : [الطويل]
١٠٢ ـ بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة |
|
أتتك من الحجّاج يتلى كتابها (١) |
ومثله : [الوافر]
١٠٣ ـ تؤمّل رجعة منّي وفيها |
|
كتاب مثل ما لصق الغراء (٢) |
وأصل هذه المادّة الدّلالة على الجمع ، ومنه كتيبة الجيش ، وكتبت القربة : خرزتها ، والكتبة ـ بضم «الكاف» ـ الخرزة ، والجمع كتب ، قال : [البسيط]
١٠٤ ـ وفراء غرفيّة أثأى خوارزها |
|
مشلشل ضيّعته بينها الكتب (٣) |
وكتبت الدّابة [إذا جمعت بين شفري رحمها بحلقة أو سير](٤) قال الشاعر : [البسيط]
١٠٥ ـ لا تأمننّ فزاريّا حللت به |
|
على قلوصك واكتبها بأسيار (٥) |
والكتابة عرفا ضمّ بعض حروف الهجاء إلى بعض.
قال ابن الخطيب : «واتفقوا على أنّ المراد من الكتاب القرآن ، قال تبارك وتعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ) [ص : ٢٩].
والكتاب جاء في القرآن على وجوه :
أحدها : الفرض (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) [البقرة : ١٧٨] ، (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [البقرة : ١٨٣] ، (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) [النساء : ١٠٣].
ثانيها : الحجّة والبرهان : (فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الصافات : ١٥٧] أي : ببرهانكم وحجّتكم.
ثالثها : الأجل : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) [الحجر : ٤] أي : أجل.
رابعها : بمعنى مكاتبة السيد عبده : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النور : ٣٣] وهذا المصدر «فعال» بمعنى «المفاعلة» كالجدال والخصام والقتال بمعنى : المجادلة والمخاصمة والمقاتلة.
__________________
(١) ينظر مجمع البيان : ١ / ٧٤ ، معاني الفراء : (١ / ٢١٢) ، الدر : ١ / ٩١.
(٢) البيت لمسلم بن معبد الوالبي. ينظر خزانة الأدب : ٢ / ٣٠٨ ، ٣١٢ ، القرطبي : ١ / ١١٢ ، والدر المصون : ١ / ٩١.
(٣) البيت لذي الرمة. ينظر ديوانه : ٢١ ، مقاييس اللغة : ٥ / ١٥٨ ، اللسان (شلل وغرق وكتب) ، القرطبي : ١ / ١١٢ ، الدر : ١ / ٩١.
(٤) سقط في أ.
(٥) البيت لسالم بن دارة. ينظر خزانة الأدب : ٦ / ٥٣١ ، ٩ / ٥٤٢ ، مقاييس اللغة : ٥ / ١٥٨ ، الشعر والشعراء : ١ / ٤٠١ ، الكامل : ٣ / ٨٦ ، اللسان (كتب) ، القرطبي : (١ / ١١٢) ، الدر : (١ / ٩٢).