و «الهدى» فيه لغتان : التذكير ، ولم يذكر اللّحياني (١) غيره.
وقال الفراء : بعض بني أسد يؤنثه ، فيقولون : هذه هدى.
و «في» معناها الظرفية حقيقة أو مجازا ، نحو : «زيد في الدار» (٢) ، (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) [البقرة : ١٧٩] ولها معان آخر :
المصاحبة : نحو : (ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ) [الأعراف : ٣٨].
والتعليل : «إن امرأة دخلت النّار في هرّة» (٣) وموافقة «على» : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] [أي : على جذوع](٤) ، والباء : (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) [الشورى : ١١] أي : بسببه.
والمقايسة نحو قوله تعالى : (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ) [التوبة : ٣٨].
و «الهاء» في «فيه» أصلها الضم كما تقدم من أن «هاء» الكناية أصلها الضم ، فإن تقدمها ياء ساكنة ، أو كسرة كسرها غير الحجازيين ، وقد قرأ حمزة : «لأهله امكثوا» وحفص في : «عاهد عليه الله» [الفتح : ١٠] ، (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا) [الكهف : ٦٣] بلغة أهل الحجاز ، والمشهور فيها ـ إذا لم يلها ساكن وسكن ما قبلها نحو : «فيه» و «منه» ـ الاختلاس ، ويجوز الإشباع ، وبه قرأ ابن كثير (٥) ، فإن تحرّك ما قبلها أشبعت ، وقد تختلس وتسكن ، وقرىء ببعض ذلك كما سيأتي مفصلا إن شاء الله تعالى.
و «للمتقين» جارّ ومجرور متعلّق ب «هدى».
وقيل : صفة ل «هدى» ، فيتعلّق بمحذوف ، ومحله حينئذ : إما الرفع أو النصب بحسب ما تقدم في موصوفه ، أي هدى كائن أو كائنا للمتقين.
والأحسن من هذه الوجوه المتقدمة كلها أن تكون كل جملة مستقلّة بنفسها ، ف
__________________
(١) علي بن المبارك ـ وقيل ابن حازم ـ أبو حسن اللحياني من بني لحيان بن هذيل بن مدركة وقيل سمي به لعظم لحيته وممن أخذ عنه القاسم بن سلام وله النوادر المشهورة. ينظر بغية الوعاة : ٢ / ١٨٥.
(٢) في أ : الدنيا.
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح (٤ / ٣٣١٨) كتاب بدء الخلق باب خمس من الدواب ... حديث رقم (٣٣١٨).
ومسلم في الصحيح (٤ / ٢٠٢٢ ـ ٢٠٢٣) كتاب البر والصلة والآداب (٤٥) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي (٣٧) حديث رقم (١٣٣ / ٢٦٤٢ ، ١٣٤ / ٢٦٤٢ ، ١٣٥ / ٢٦١٩).
وابن ماجه في السنن حديث رقم (٤٢٥٦) ـ وعبد الرزاق في مصنفه حديث رقم (٢٠٥٥١) ـ والدارمي في السنن (٢ / ٣٣٠) ، والبيهقي في السنن (٨ / ١٤) ـ وذكره المنذري في الترغيب (٣ / ٢٠٩) ـ والهندي في كنز العمال حديث رقم (٣٩٩٧٦) ، (٤٣٧١٦).
(٤) سقط في أ.
(٥) تقدم.