ف «ذا» هنا بمعنى الذي ؛ لأنه أبدل منه مرفوع ، وهو «أنحب» ، وكذا (ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٩] في قراءة أبي عمرو (١).
والثالث : أن يغلّب حكم «ما» على «ذا» فيتركا ، ويصيرا بمنزلة اسم واحد ، فيكون في محلّ نصب بالفعل بعده ، والأجود حينئذ أن ينصب جوابه والمبدل منه كقوله : (ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ : الْعَفْوَ) في قراءة غير أبي عمرو (٢) ، و (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) [النحل: ٣٠] عند الجميع. ومنه قوله : [البسيط]
٣٣٢ ـ يا خزر تغلب ما ذا بال نسوتكم |
|
لا يستفقن إلى الدّيدين تحنانا (٣) |
ف «ماذا» مبتدأ ، و «بال نسوتكم» خبره.
الرابع : أن يجعل «ماذا» بمنزلة الموصول تغليبا ل «ذا» على «ما» عكس الصورة التي قبله ، وهو قليل جدّا ؛ ومنه قوله : [الوافر]
٣٣٣ ـ دعي ماذا علمت سأتّقيه |
|
ولكن بالمغيّب حدّثيني (٤) |
ف «ماذا» بمعنى الذي ؛ لأنّ ما قبله لا تعلّق له به.
الخامس : زعم الفارسيّ أنّ «ماذا» كله تكون نكرة موصوفة ، وأنشد : «دعي ماذا علمت» أي : دعي شيئا معلوما ، وقد تقدّم تأويله.
السّادس : وهو أضعفها أن تكون «ما» استفهاما ، و «ذا» زائدة ، وجميع ما تقدّم يصلح أن يكون مثالا له ، ولكنّ زيادة الأسماء ممنوعة أو قليلة جدا.
إذا عرف ذلك فقوله (ما ذا أَرادَ اللهُ) يجوز فيه وجهان دون الأربعة الباقية :
أحدهما : أن تكون «ما» استفهامية في محلّ دفع بالابتداء ، و «ذا» بمعنى «الذي» ، و «أراد الله» صلة ، والعائد محذوف لاستكمال شروطه ، تقديره : «أراده الله» والموصول خبر «ما» الاستفهامية.
والثاني : أن تكون «ماذا» بمنزلة اسم واحد في محلّ نصب بالفعل بعده ، تقديره :
__________________
(١) انظر البحر المحيط : ٢ / ١٦٨ ، والحجة للقراء السبعة : ٢ / ٣١٥ ، وحجة القراءات : ١٣٣ ، وإتحاف فضلاء البشر : ١ / ٤٣٧ ، والدر المصون : ١ / ٥٣٧ ، وشرح طيبة النشر : ٤ / ٩٧ ، وشرح شعلة : ٢٨٩.
(٢) ستأتي في النحل (٣٠).
(٣) البيت لجرير ينظر ديوانه : ص ١٦٧ ، والجنى الداني : ص ٢٤٠ ، والدرر : ١ / ٢٧٠ ، وشرح شواهد المغني : ٢ / ٧٨١ ، ومغني اللبيب : ص ٣٠١ ، وهمع الهوامع : ١ / ٨٤ ، الدر المصون : ١ / ١٦٦.
(٤) البيت للمثقب العبدي ينظر ديوانه : ص ٢١٣ ، وخزانة الأدب : ٧ / ٤٨٩ ، ١١ / ٨٠ ، وشرح شواهد المغني : ص ١٩١ ، ولسحيم بن وثيل الرياحي في المقاصد النحوية : ١ / ١٩٢ ، ولأبي حية النميري في لسان العرب (أبى) ، ولمزرد بن ضرار ينظر ديوانه : ص ٦٨ ، الجنى الداني : ص ٢٤١ ، والدرر : ١ / ٢٧١ ، والكتاب : ٢ / ٤١٨ ، ولسان العرب (ذوا) ، ومغني اللبيب : ص ٢٣٠١ ، ٣٠ ، الدر المصون : ١ / ١٦٦.