الأساس الذي يرتكز عليه رضي الله عن عباده ، وتنطلق منه المغفرة ، ويستحق عليه الجزاء الكبير في ثواب الله سبحانه.
وقد أثير حديث حول شمول هذا الوعد الإلهي لجميع الصحابة أو اختصاصه بالمؤمنين العاملين بالصالحات ، وذلك بالسؤال عن كلمة «منهم» ؛ هل هي للتبعيض ، كما هو الظاهر ، وهو رأي يتبناه أصحاب القول الثاني ، أم أنها بيانية ، كما يقول أصحاب القول الأول ، والذين يواجهون الردّ بأن «من» البيانية لا تدخل على الضمير مطلقا في كلامهم؟!
ويضيف أصحاب القول الثاني إلى هذه المناقشة ، أنه «لو كانت العدة بالمغفرة أو نفس المغفرة شملتهم شمولا مطلقا من غير اشتراط بالإيمان والعمل الصالح وكانوا مغفورين ـ آمنوا أو أشركوا ، وأصلحوا أو فسقوا ـ لزمته لزوما بيّنا لغويّة جميع التكاليف الدينية في حقهم وارتفاعها عنهم ، وهذا مما يدفعه الكتاب والسنة ، فهذا الاشتراط ثابت في نفسه وإن لم يتعرض له في اللفظ ، وقد قال تعالى في أنبيائه : (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام : ٨٨] فأثبته في أنبيائه وهم معصومون ، فكيف فيمن هو دونهم»(١).
ويردُّ أولئك على هذا التعليق ، أن الآية تتحدث عن واقع الصحابة ، لا عن حالة مطلقة لتخضع للاحتمالات المتنوّعة ، وبالتالي لتوضع لها الشروط هنا أو هناك على هذا الأساس ، فهي شهادة من الله بأنهم واجدون لهذه الصفات ، بقرينة صدر الآية.
وقد نلاحظ على ذلك ، أن القرآن يتحدث عمن كان مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنهم قد ينكثون وقد ينحرفون ، وقد تحدث عن الذين مردوا على النفاق من أهل المدينة ، وعن الذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ، وغيرهم ، في الوقت الذي لم يدّع أحد العصمة للصحابة لا نظريا ، ولا واقعيا ، والله أعلم.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٨ ، ص : ٣٠٥ ـ ٣٠٦.