آداب التعامل مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ). إن إطلاق النداء للناس من خلال صفة الإيمان ، يوحي بأن هذا التعليم ينطلق من مضمون الإيمان في حركته الروحية والسلوكية. والظاهر أن المراد بالتقدم هو الوقوف أمام الله ورسوله بمعناه الكنائي ، حيث يدل التقدم عليهما على خضوع الإنسان لهواه أو لفكره الشخصي أو لمزاجه الذاتي ، بعيدا عن خط الإيمان الذي يوحي بالله ، أو يلهم به رسوله ، في الحكم الذي يشرّعه ، أو في النهج الذي يقرّره ، أو في الخط الذي يخططه ، مما يوحي بأن من الواجب على المؤمن أن يبقى مشدودا إلى أوامر الله ونواهيه ، وإلى شرع الرسول ونهجه في ما ينفتح عليه من قضايا السلوك والحياة ، فلا يسبق بكلامه كلام الله ، وبسلوكه شرع رسول الله ، ليكون الخاضع لله ولرسوله في كل شيء ، (وَاتَّقُوا اللهَ) بالانضباط على الخط المستقيم والشعور بالمسؤولية على قاعدة الإحساس الدائم بحضور الله ورقابته ، (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فهو الذي يسمع كل كلمات عباده ويعلم كل خفاياهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ). وهذا لون من ألوان الأدب الإسلامي في مخاطبة المسلمين للنبي ، تقضي بمراعاة الإخفات في الكلام ، أو الهدوء في الخطاب ، بحيث تكون أصوات المسلمين أخفض من صوته ، لتتميَّز طريقتهم في الحديث معه عن طريقتهم في الحديث العادي مع بعضهم البعض ، لأن تلك الخطوط السلوكية هي سبيل إشاعة جوِّ من الاحترام والتعظيم يفرضه موقع النبي من أمّته ، ويوحي بالهيبة والتوقير اللذين يؤثّر إشاعتهما في نفس المسلم إيجابا في علاقته برسول الله ، بحيث يلتقي لديه احترام الوجدان باحترام الطاعة والالتزام.
(أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) أي حذرا من أن تحبط أعمالكم إذا أسأتم احترام النبيّ ، مما قد يؤدي إلى الاستهانة به وبأمره ونهيه ، فيقودكم ذلك إلى الابتعاد عن خط الإيمان بطريقة تلقائية لا شعورية ، تبعا لما تتركه بعض