من أثر سلبي على سمعته ومركزه بين الناس ، مما يؤدّي إلى تعقيد علاقاته بمن اغتابه وإلى تعقيد العلاقات في مجتمع هذا وذاك ، وينتهي ، بالتالي ، إلى العداوة والبغضاء والتقاتل والتناحر.
وقد صوّر الأسلوب القرآني رفض هذا السلوك بطريقة تصوير تخييلية فظيعة تثير النفور في النفس بصورة عفوية ، باعتبارها تجسيدا حيّا لوحشية هذا التصرف الذي يرفضه الوجدان الإنساني على مستوى الفرد والجماعة ، لإثارة النفور في الوجدان العام من ذاك السلوك. (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) ونبذتموه وأخرجتموه من المجتمع لئلا تنتقل منه العدوى إلى أفراده ، ولأن درجة وحشيته لا تترك مجالا للاعتراف بإنسانيته لفظاعة الصورة ، وأيّة صورة أفظع من صورة الإنسان الذي يموت أخوه أمامه ، ثم يأتي بالسكين ليقطع من لحمه ، ويلتهمه قطعة قطعة ، في حالة سرور وفرح؟!
وقد لا تكون هذه الصورة هي ما يواجهه الناس في مسألة الغيبة بالحسّ ، ولكنها تحمل المواصفات نفسها بالإيحاء ، فإن الغائب كالميت في عجزه عن الدفاع عن نفسه ، كما أن أخوّة الإيمان كأخوّة النسب في المفهوم القرآني ، وكرامة الإنسان كلحمه ، مما يجعل الأكل من كرامته والاعتداء عليها ، كالأكل من لحمه ، بل قد يكون أكثر تأثيرا في الواقع من ذلك ، فإذا كنتم تكرهون الصورة الأولى لوحشيتها الحسيّة ، فاعملوا على أن تكرهوا الصورة الثانية في وحشيتها المعنوية.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في ما تريدون أن تمارسوه منها في المستقبل ، كما أن عليكم أن تتقوا الله في ما مارستموه في الماضي ، لتتوبوا إليه توبة تغلق ملف الماضي ، وتفتح ملف التغيير في المستقبل ، (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) في ما جعله على نفسه من قبول التوبة من مواقع رحمته ، ومن محبته للتوّابين من خلال الروحية المخلصة لله في ذلك.
* * *