نطاق أنانياتهم الذاتية أو العائلية ، لينطلق بهم في ساحات الإنسانية الواسعة ، ليكونوا جزءا من الأمّة الحاملة للرسالة التي تتسع للحياة كلها وللإنسان كله ، فيتسع دورهم وتمتد ساحاتهم ، ليعيشوا الطمأنينة والسكينة في ظلال الرسالة المنفتحة على الله ، فلا يبقى هناك مجال للحيرة والقلق والضياع والشعور بالعبثية الوجودية الذي يثيره حديث البعض عن تفاهة الحياة وعلاقتها باللّامعقول ، لأن الإنسان المؤمن يرى الحياة حركة مسئولة في سياق دوره الإنساني المرتكز على خلافته لله سبحانه ، الأمر الذي يفتح له آفاقا واسعة سعة نظرته إلى الحياة ، ويمد بأحلامه لتتصل بالأفق الواسع السابح في بحار النور ، الذي يطل على رضوان الله ، المتجلي بالجنة التي أعدّها الله للمؤمنين الصادقين.
وهكذا تكون المنّة لله عليهم في هداهم للإيمان في مواقع الرسالة بدلا من أن تكون لهم المنّة على الرسول في ذلك ، وهذا هو قول الله سبحانه : (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في إعلانكم بالتزام الإيمان كخطِّ عمليِّ في الحياة.
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ويحيط بالكون كله بكل ما فيه من مخلوقات ، مما يجعل الناس مكشوفين أمامه بكل أسرارهم في الإيمان وعدمه ، وفي كل الأمور التي تتصل بحياتهم الداخلية في عمقها وامتدادها ، (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) ، فلا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، في طبيعتها ودوافعها ونتائجها السلبية والإيجابية.
* * *