أن نفهم من الآية ، أنها لا تتحدث عن آية فعليّة رأوها بشكل خاص مما يجعل اتهامه بالسحر ردّ فعل عليها ، بل إنها تتحدث عن طبيعة الموقف الذي يقفونه من الآية إذا رأوها أمامهم ، لأنهم ليسوا في موقع إرادة الإيمان ، مما يجعلهم يهربون من الحقائق بتوجيهها إلى وجهة أخرى.
* * *
كيف نفهم انشقاق القمر من الآية؟
أمَّا انشقاق القمر ، فقد جاءت الروايات لتؤكد أنه آية كونية ، ومعجزة اقترح المشركون على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إجراءها لإثبات نبوّته ، وقيل : إن أهل الحديث والمفسرين اتفقوا على قبولها ، ولم يخالف فيه منهم إلا الحسن وعطاء والبلخي ، حيث قالوا : إن معنى قوله : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) : سينشق القمر عند قيام الساعة ، وإنما عبّر بلفظ الماضي لتحقق الوقوع.
أمّا تعليقنا على ذلك ، فهو أن المسألة لا بدّ من أن تناقش من زاويتين :
الأولى : زاوية الاستغراق في مضمون النصوص ذاتها من حيث إمكانها ومعقوليتها ، وفي سند النصوص من حيث وثاقتها وصحتها.
الثانية : زاوية المقارنة بين هذه النصوص المفسرة للقرآن وبين المفاهيم القرآنية العامة ، في مسألة المعجزة الحسيّة الكونية وغير الكونية ، الخارقة للعادة ، سواء كانت مقترحة أو غير مقترحة ، على أساس القاعدة التي تقول بوجوب عرض الأحاديث على ما جاء في القرآن من حقائق بمقتضى الظهور الواضح ، لأن ما خالف كتاب الله فهو باطل أو زخرف.
أمّا النقطة الأولى ، فقد تحتاج إلى عرض بعض هذه الروايات كنموذج ، ففي رواية أنس بن مالك ، «أن الكفار سألوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم آية فانشقّ القمر مرتين» (١).
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٤ ، ص : ٣٥.