الناس ، كما في قوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً) [الإسراء : ٥٩] ، فإن مفاد الآية يوضح بأن الإرسال بالآيات لا يحقق أية نتيجة على مستوى الإيمان ، لأن السابقين الذين أرسلت الآيات إليهم لم يتجاوبوا معها ، ولم ينتفعوا بها ، بالرغم من كل ما تثيره في نتائجها من تهاويل الخوف ، باعتبار أن نزول الآية التي لا يعقبها الإيمان ، يؤدي إلى نزول العذاب. ويتأكد الإشكال في الآيات المقترحة التي أراد الله من رسوله أن يعرّفهم امتناع استجابته لطلبهم إيّاها ، وهو القادر على ذلك ، لأنه المهيمن على الكون كله ، في ما يريد أن يخلقه من ظواهر غير موجودة ، أو ما يريد أن يغيّره من حال إلى حال في الظواهر الموجودة ، فإن الأمر خاضع لحكمته لا لاقتراحهم ، أمّا النبي الذي تقدّم إليه تلك الطلبات ، فليس قادرا على ذلك ، لأن بشريته تمنعه من ذلك ، كما أن صفة الرسالة لا تعطيه دور تغيير الظواهر من حوله.
ولعل هذا الجوّ هو الذي يتمثل للإنسان القارئ للقرآن في ملاحقته لخطوات الرسالة أمام التحديات الموجّهة إليها من المشركين. وفي ضوء ذلك ، قد نلاحظ اختلاف هذا التفسير مع المفاهيم القرآنية العامة ، فيكون الحديث المتضمن لها حديثا مخالفا للظواهر القرآنية.
وقد أجاب هؤلاء المفسرون للآية بما ذكر ، بأنّ الآية التالية لها تؤكد بأن المقصود من انشقاق القمر ، هو ما حدث على يد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مكة في ما رواه المفسرون ، وذلك لأن الظاهر من قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) أنها آية واقعة قريبة من زمان النزول ، أعرض عنها المشركون كسائر الآيات التي أعرضوا عنها وقالوا : سحر مبين.
وقد يورد عليهم بأن الآية الثانية لا تدلّ على أنها من توابع الفكرة التي تثيرها الآية الأولى ، بل ربما كانت الأولى عنوانا للأجواء التي توحي بيوم القيامة ، في ما يراد إثارته من تذكير هؤلاء المشركين وغيرهم به ، لتنطلق الآيات بعدها لتتحدث عن سلوكهم المنحرف عن الرسالة الذي يعرّضهم للنتائج الصعبة