وتابع مسيرتك حتى النهاية ، (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) العذاب فتدعو عليهم ، نتيجة ضيق صدرك بهم في بعض الحالات ، فإن هناك أملا في هدايتهم للإيمان بالله والالتزام بدينه. فبعض الناس قد يحتاج إلى أمد طويل لتخفيف مقاومته النفسية ، أو لإبعاده عن الموثرات العاطفية ، أو الرواسب التاريخية ، أو فصله عن الجو الذي يعيش فيه ، وغيرها من عوامل تفرض عليه عدم الإذعان للحق ، ولذلك فلا بد للدعاة إلى الله من أن يرسموا خططا متحركة على مستوى المراحل والظروف من الزمان والمكان والأشخاص ، لاحتواء الساحة كلها في جميع الأوضاع.
أمّا إذا أصروا على الكفر والعناد ، فإن الله سوف يجمعهم لعذابه ، فلا داعي لاستعجال العذاب ، (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ) من العذاب (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) لأن الإحساس بالحاضر الذي يختزن العذاب في داخله ، ويحرق بناره كل حياة الإنسان ، سوف يختصر الزمن كله في إحساس الإنسان ، بحيث لا يشعر إلّا وكأنه لم يلبث إلا ساعة من نهار ، هذا (بَلاغٌ) للناس (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) الذين استحقوا الهلاك بفسقهم في العقيدة وفي العمل؟!
* * *