عذابه (بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا) يلطف بهم ويحنو عليهم ويرحمهم ، ويتعهدهم بالرعاية الدائمة التي تنفتح على كل قضاياهم في آلامهم وآمالهم ، (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) لأنهم ابتعدوا عن الله ، ولم يكن لهم أولياء من دونه ، لأن الولاية لله وحده ، فلا ولاية لغيره في كل شيء.
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) لما يفرضه الإيمان والعمل الصالح من نتائج طيبة على مستوى المصير ، مما يعوّض الكثير من ألوان الحرمان المادي الذي عانى منه المؤمنون في الدنيا ، بما فيها من طعام وشراب ولذات وشهوات حسية في أجسادهم ، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ) بالحياة الدنيا في أجسادهم ، الباحثة عما يسد رمقها ويرضي شهوتها ، دون أيّ هدف آخر يتصل برضوان الله في حركة المسؤولية ، تماما كما هي الأنعام التي تتمتع وتأكل من غير هدف معنويّ ، لتكون نهايتها الذبح ، (وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) في نهاية المطاف ، حيث تأكل النار أجسادهم ولذاتهم وشهواتهم ولا يبقى منها شيء.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) كان لأهلها السلطة والمنعة والقوّة والبأس والشدة ما لا يملكه أولئك المشركون من أهل مكة الذين كانوا يضطهدونك في رسالتك ، (أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ) ينصرهم من الهلاك ، ولن يكون مصير قومك بأفضل من مصير تلك القرى.
* * *