ذكر أن الجوار مشهور وأنه غير ممتنع أن يقع في القرآن الكريم (١). ومال إلى هذا الرأي الدكتور عبد الفتّاح الحموز (٢).
وعناية الشريف المرتضى بالقراءات لا تقف عند القراءات المشهورة ، بل نراه يذكر القراءات الشاذّة ، ويحتجّ لها أو يعلّلها ، ففي تفسيره لقوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) (٣) ، قال : «وروي عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ : «أكاد أخفيها» فمعنى «أخفيها» على هذا الوجه أظهرها ؛ قال عبدة بن الطبيب يصف ثورا (٤).
يخفي التراب بأظلاف ثمانية |
|
في أربع مسهن الأرض تحليل |
أراد أنه يظهر التراب ويستخرجه بأظلافه ...» (٥).
وأعقب ذلك بقوله : «وقد روى أهل العربية : أخفيت الشيء يعني سترته ، وأخفيته بمعنى أظهرته ، وكأن القراءة بالضمّ تحتمل الأمرين : الإظهار والستر ، والقراءة بالفتح لا تحتمل غير الإظهار ...» (٦).
وقد قرأ الحسن وسعيد بن جبير بفتح الهمزة «أخفيها» ، وسائر القرّاء بالضمّ «أخفيها» (٧) وواضح ان المرتضى يعدّ قراءة «اخفيها» بالضمّ من الاضداد وسبق ان أشرنا إلى قول ابن جني في هذه اللفظة فهو يرى ان «اخفيها» بالضمّ لا تحتمل غير معنى الإظهار ، إذ قال في تأويل الآية : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ
__________________
(١) ينظر التبيان في إعراب القرآن ، ١ / ٤٢٢ ت ٤٢٣.
(٢) ينظر التأويل النحوي في القرآن الكريم ، ١ : ٣٠ ـ ٣١.
(٣) سورة طه ، الآية : ١٤٢.
(٤) ينظر ديوانه : ٧١ ، والتحليل ضد التحريم ، تقول : لم افعل ذلك إلّا تحلة القسم. أي القدر الّذي لا أحنث معه وأبالغ فيه. قال الخليل : «التحليل والتحلة من اليمين ، حللت اليمين تحليلا وتحلة ... اشتق من تحليل اليمين ثمّ أجرى في سائر الكلمات ...».
وقوله : بأظلاف ثمانية في أربع : يريد ثمانية أظلاف في أربع قوائم في كلّ قائم ظلفان. ينظر العين ، ٣ : ٢٧ وحاشية محقّق الديوان : ٧١.
(٥) أما لي المرتضى ، ١ : ٣٣٣.
(٦) نفسه ، ١ : ٣٣٤.
(٧) ينظر معاني القرآن ، ٢ : ٤٣. ومختصر شواذّ القراآت : ٨٧ ، والكشّاف : ٢ : ٥٣٢.