بأساليبها ، فقد توقّف عند قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍ) (١) وقوله تعالى : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) (٢) ، وقوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً) (٣) ، وقوله تعالى : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) (٤).
فعبارة (بِغَيْرِ حَقٍ) قد توهّم أن قتل الأنبياء قد يكون بحقّ ، وكذلك بقيّة الآيات قد يوهم ظاهرها ما ليس مقصودا وما لا يتّفق مع طبيعة الأمور. ولذا فإن المرتضى يطيل الوقوف عند هذه الآيات ويردها إلى المألوف والمستعمل من كلام العرب ، فيقول : «إنّ للعرب فيما جرى هذا المجرى من الكلام عادة معروفة ، ومذهبا مشهورا ... ومرادهم بذلك المبالغة في النفي وتأكيده ؛ فمن ذلك قولهم : فلان لا يرجى خيره ، ليس يريدون أن فيه خيرا لا يرجى ، وإنّما غرضهم أنه لا خير عنده على وجه من الوجوه ، ... وقال أمرؤ القيس (٥) :
على لا حب لا يهتدى بمناره |
|
إذا سافه العود الديافى جرجرا |
يصف طريقا ، وأراد بقوله : «لا يهتدى بمناره» أنه لا منار له فيهتدى بها ... وقال النابغة (٦) :
يحفه جانبا نيق وتتبعه |
|
مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد |
أراد : ليس بها رمد فتكحل له ... وقال سويد بن أبي كاهل (٧) :
من أناس ليس من أخلاقهم |
|
عاجل الفحش ولا سوء الجزع |
__________________
(١) سورة آل عمران الآية : ٢١.
(٢) سورة المؤمنون ، الآية : ١١٧.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٤١.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٣.
(٥) ديوانه : ٦٦. والرواية فيه :
على لا حبّ لا يهتدى بمناره |
|
إذا سافه العود النباطي جرجرا |
والعود : المسن من الإبل ، والديافي : منسوب إلى دياف من قرى الشام وسافه : شمه ، والجرجرة مثل الهدير. والنباطي : منسوب إلى النبط ، أشدّ الإبل وأصبرها. وقيل : هو الضخم ، واللاحب : الطريق البين الّذي لحبته الحوافر ، أي أثرف فيه ، ينظر أمالي المرتضى ، ١ : ٢٢٩ ، وحاشية محقّق الديوان : ٦٦.
(٦) ديوانه : ٣٥.
(٧) ديوانه : ٢٧.