قاطعة ، فلا سبيل إليه ، وقد استقصينا هذه النكتة في الكتاب الشافي (١) غاية الاستقصاء ، وتكلّمنا على ما يلزمه مخالفونا في هذا الموضع ، ممّا هو عائد كلّه عند الكشف والفحص عنه إلى استيلاف عصمة القوم بغير دلالة.
ثمّ إذا سلّمنا صحّة الخبر لم يكن فيه دلالة على ما يدّعون ؛ لأنّه كالمجمل ، من حيث إنّه نفى خطأ منكرا ، فمن أين لهم عمومه في جنس الخطأ ، ولا بدّ في حمله على ذلك من دليل ولن يجدوه؟!.
وبعد ؛ فإن حملوا لفظة «أمّتي» على جميع الأمّة ، أو على المؤمنين لزمهم أن يدخل فيه كلّ من كان بهذه الصفة إلى أن تقوم الساعة على سبيل الاجتماع ، ويبطل أن يكون إجماع كلّ عصر حجّة ، على ما تقدّم بيانه.
وربما قيل لهم في الخبر : من أين لكم أنّه خبر دون أن يكون نهيا ، ولعلّ العين من لفظة «تجتمع» ساكنة غير مرفوعة؟ ومن الّذي ضبط في إعرابه الرفع من التسكين؟.
وربما قيل لهم ما أنكرتم أن يكون خبرا معناه معنى النهي ، كما جرى في نظائره ، من قوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٢) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الزعيم غارم» (٣) و «العارية مردودة» (٤) وما لا يحصى كثرة. وهذا لا يلزمهم ، ولهم أن ينفصلوا عنه بأنّ اللفظ الّذي ظاهره موضوع للخبر لا يجوز حمله على الأمر أو النهى إلّا بدلالة ، والظاهر في الخبر معنا ، وعلى من ادّعى ما نقلنا عن ظاهره الدلالة.
فأمّا الكلام على من أحال أن يجوز على كلّ واحد منهم من الخطأ ما لا يجوز على جماعتهم ، وضرب لذلك الأمثال بأن الجماعة إذا كان كلّ واحد منها أسود ، فلا يجوز أن تكون الجماعة ليست سودا ، وما أشبه ذلك ، فهو اعتماد من لم يحصل ولم يتأمّل ؛ لأنّ مراد من نفي الخطأ عن الجماعة ليس هو نفي
__________________
(١) راجع الشافي ، ١ : ٢٣٦ وما بعدها.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٩٧.
(٣) مسند أحمد ، ٥ : ٢٦٧.
(٤) عوالي اللآلي ، ١ : ٣١٠.