فليس بشيء ؛ لأنّ السهو يزيل التكليف ويخرج الفعل من أن يكون ذنبا مؤاخذا به ، ولهذا لا يصح مؤاخذة المجنون والنائم. وحصول السهو في أنّه مؤثّر في ارتفاع التكليف بمنزلة فقد القدرة والآلات والأدلّة ، فلو جاز أن يخالف حال الأنبياء في صحّة تكليفهم مع السهو ، جاز أن يخالف حالهم لحال أممهم في جواز التكليف مع فقد سائر ما ذكرناه وهذا واضح.
فأمّا الطريق الّذي به يعلم أنّ الأئمة عليهمالسلام ، لا يجوز عليهم الكبائر في حال الإمامة ، فهو أنّ الإمام إنّما احتيج إليه لجهة معلومة ؛ وهي أن يكون المكلّفون عند وجوده أبعد من فعل القبيح وأقرب من فعل الواجب على ما دلّلنا عليه في غير موضع ، فلو جازت عليه الكبائر لكانت علة الحاجة إليه ثابتة فيه ، وموجبة وجود إمام يكون إماما له ، والكلام في إمامته كالكلام فيه ، وهذا يؤدّي إلى وجود ما لا نهاية له من الأئمة وهو باطل ، أو الانتهاء إلى إمام معصوم وهو المطلوب.
وممّا يدلّ أيضا على أنّ الكبائر لا تجوز عليهم ، أنّ قولهم قد ثبت أنّه حجّة في الشرع كقول الأنبياء عليهمالسلام بل يجوز أن ينتهي الحال إلى أنّ الحقّ لا يعرف إلّا من جهتهم ، ولا يكون الطريق إليه إلّا من أقوالهم على ما بيّناه في مواضع كثيرة ، وإذا ثبت هذا جملة جروا مجرى الأنبياء عليهمالسلام فيما يجوز عليهم وما لا يجوز ، فإذا كنّا قد بيّنا أنّ الكبائر والصغائر لا يجوز ان على الأنبياء عليهمالسلام قبل النبوّة ولا بعدها ، لما في ذلك من التنفير عن قبول أقوالهم ، ولما في تنزيههم عن ذلك من السكون إليهم ، فكذلك يجب أن يكون الأئمة عليهمالسلام منزّهين عن الكبائر والصغائر قبل الإمامة وبعدها ؛ لأنّ الحال واحدة (١).
__________________
(١) تنزيه الأنبياء ، والأئمّة : ١٥.