فلان» ، ولا يقتضي كلامه أن معرفة زيد دلّت عند معرفة عمرو ، وأنّ مجيء فلان نفي مجيء فلان.
على أن هذا الاستدلال مبنيّ على القول بالعموم ، ونحن نخالف فيه. وإذا جاز أن يكون لفظ «الفسوق» مخصوصا جاز حمله على الفسق الّذي هو الكفر.
وإذا سلّمنا أن لفظة «بعد» تقتضي زوال حكم الأوّل لم يكن أيضا في الآية لهم حجّة ؛ لأنه إذا زال حكم الإيمان واسمه بحدوث الفسق فذلك الفسق كفر وهو بئس الاسم.
والجواب عن السابع : انا لا نسلّم أن المراد بلفظ «إيمانكم» الصلاة إلى بيت المقدس ، وإنّما أراد به التصديق الذي لا يعرف القوم في الإيمان سواه ، والقرآن غير ناطق بأن الإيمان المراد به الصلاة ، ولا معول في مثل ذلك على أخبار آحاد تروى فيه. وإذا صرفنا ذلك للرواية إلى الصلاة إلى بيت المقدس جاز أن يكون المراد التصديق أو التدين بتلك الصلاة.
والجواب عن الثامن : أن الآية لا تقتضي نفي اسم الإيمان عمّن لم يكن بالصفات المذكورة فيها ، وإنّما تقتضي التفصيل والتعظيم ، فكأنه تعالى أراد إنّما أفاضل المؤمنين وخيارهم من فعل كذا وكذا ، كما يقول أحدنا : «إنّما الرجل من يضبط نفسه عند الغضب» ، وان كان من لا يفعل ذلك لا يخرج من أن يكون رجلا ، وان خرج عن الفضل والتقدّم ، وكذلك يقولون : «إنّما المال التبر» و «إنّما الظهر الإبل» ، ويريدون به التفضيل ولا يريدون سواه.
وبعد ، ولو سلّمنا للقوم على غاية اقتراحهم أن اسم «الإيمان» و «مؤمن» يفيدان المدح واستحقاق الثواب ، وانهما منقولان عن وضع اللغة ، لكان لنا أن نقول لهم : يجب أن يجري ذلك على الفاسق الملي ؛ لأنه عندنا مستحقّ المدح والثواب بما معه من الإيمان والمعرفة بالله تعالى والطاعات ، وأنّما بنى خصومنا امتناعهم من وصف الفاسق الملي بالإيمان على مذاهبهم في أنه محبط الثواب والمدح ودائم الذمّ ، وقد بيّنا بطلان التحابط.
فأمّا الكلام على الخوارج في تكفيرهم كلّ عاص. فواضح ، لأن الكفر