نعم. قيل لهم : قد ثبت أنّ منفعة واحدة من نافعين هي منفعة من الله بالعبد بأن خلقها ، ومنفعة من العبد بأن اكتسبها.
فإن قالوا : نعم. قيل لهم : وكذلك الكفر قد ضرّ الله به الكفّار بأن خلقه ، وضرّ الكافر نفسه بأن اكتسب الكفر.
فإن قالوا : نعم. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون الله قد أفسد الكافر بأن خلق فساده ويكون الكافر هو أفسد نفسه بأن اكتسب الفساد.
فإن قالوا : نعم. قيل : فما أنكرتم أن يكون الكافر جائرا على نفسه بما اكتسب من الجور. فإن قالوا : جائر ، قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون الله جائرا على نفسه بما فعل من الجور أيضا كما قلتم في الكافر ، فإن قالوا : جائر خرجوا من دين أهل القبلة ، وإن قالوا : لا يجوز أن يكون الله جائرا بما فعله العباد من الجور ، قيل لهم : وكذلك ما أنكرتم أن لا يكون مفسدا بفسادهم ، ولا ضارّا لهم بضررهم.
فإن قالوا بذلك ، قيل لهم : فما أنكرتم أن لا يكون فاعلا لما فعلوه من الكفر والفساد وأن يكون فعله غير فعلهم ، وكلّما اعتلّوا بعلّة في هذا الكلام عورضوا بمثلها.
ويقال لهم : أليس الله نافعا للعباد [المؤمنين] بما خلق فيهم من الإيمان.
فمن قولهم : نعم. فيقال : وكذلك النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد نفعهم بما دعاهم إلى الإيمان.
فإن أبوا ذلك وزعموا أنّ النبي ما نفع أحدا ولا أحسن إلى أحد ؛ قيل لهم : فما أنكرتم أن لا يجب على المؤمنين شكره ولا حمده ، إذ كان غير نافع لهم ولا محسن إليهم.
وإن قالوا : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد نفعهم بدعائه إياهم إلى الإيمان. قيل لهم : أفليس الله بما خلق فيهم من الإيمان أنفع لهم من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ دعاهم إلى الإيمان ، فلا بدّ لهم من نعم ؛ لأنّ النبي قد يجوز أن يدعوهم إلى الإيمان ، فلا بدّ لهم من نعم يجيبون إليه ولا يجوز أن يخلق الله فيهم الإيمان إلّا وهم مؤمنون.