شيء من الكلام ؛ فمن ذلك قوله تعالى في قصّة يوسف عليهالسلام والناجي من صاحبيه في السجن عند رؤيا البقر السمان والعجاف : (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) (١) ولو بسط الكلام فأورد محذوفه لقال أنا أنبئكم بتأويله ، فأرسلون ففعلوا ، فأتى يوسف فقال له : يا يوسف أيها الصديق أفتنا.
ومثله قوله في الأنعام ، (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٢) : أي ، وقيل لي : (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
وكذلك قوله تعالى في قصّة سليمان عليهالسلام : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ) إلى قوله : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) (٣) ، أي وقيل لهم : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً).
وقال جرير :
وردتم على قيس بخور مجاشع |
|
فنؤتم على ساق بطيء جبورها (٤) |
أراد : فنؤتم على ساق مكسورة بطيء جبورها ، كأنّه لمّا كان في قوله : «بطيء جبورها» دليل على الكسر اقتصر عليه.
وقال عنترة :
هل تبلغنّي دارها شدنيّة |
|
لعنت بمحروم الشّراب مصرّم (٥) |
يعني ناقته ؛ ومعنى «لعنت» دعاء عليها بانقطاع لبنها وجفاف ضرعها ، فصار
__________________
(١) سورة يوسف : الآيتان : ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ١٤.
(٣) سورة سبأ ، الآيتان : ١٢ ـ ١٣.
(٤) ديوانه : ٢٦٨. ومجاشع هو مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن عمرو بن تميم» وخور : جمع خوار ، والخور : الضعف ، وناقة خوارة ، والجمع أيضا خور.
(٥) من المعلقة ؛ ص ١٨٣ ـ بشرح التبريزي. والشدنية : ناقة نسبت إلى شدن ؛ موضع باليمن ، وقيل : هو فحل كان باليمن ، تنسب إليه الإبل : والمصرم : الذي أصاب أخلافه شيء فقطعه ؛ من صرار أو غيره.