كذلك هذا كلّه ؛ والناقة إذا كانت لا تنتج كان أقوى لها على السير. قال : تأبط شرا ـ ويروى للشنفرى :
فلا تدفنوني إنّ دفني محرّم |
|
عليكم ، ولكن خامري أمّ عامر (١) |
لأنّه أراد : فلا تدفنوني بل دعوني تأكلني التي يقال لها : خامري أم عامر ؛ وهي الضّبع.
وقال أوس بن حجر :
حتّى إذا الكلّاب قال لها |
|
كاليوم مطلوبا ولا طلبا (٢) |
أراد : «لم أر كاليوم» ، فحذف.
وقال أبو دؤاد الإياديّ :
إنّ من شيمتي لبذل تلادي |
|
دون عرضي ، فإن رضيت فكوني |
أراد : فكوني معي على ما أنت عليه ، وإن سخطت فبيني فحذف هذا كلّه.
وقال الآخر :
إذا قيل سيروا إنّ ليلى لعلّها |
|
جرى دون ليلى مائل القرن أعضب |
أراد لعلّها قريب ، وهذا يتّسع ؛ وهو أكثر من أن يحيط به قول. والحذف غير الاختصار. وقوم يظنّون أنّهما واحد ؛ وليس كذلك لأنّ الحذف يتعلّق بالألفاظ ؛ وهو أن تأتي بلفظ يقتضى غيره ويتعلّق به ، ولا يستقلّ بنفسه ؛ ويكون في الموجود دلالة على المحذوف ، فتقتصر عليه طلبا للاختصار ، والاختصار يرجع إلى المعاني وهو أن يأتي بلفظ مفيد لمعان كثيرة لو عبّر عنها بغيره لاحتيج إلى أكثر من ذلك اللفظ ، فلا حذف إلّا وهو اختصار ، وليس كلّ اختصار حذفا.
__________________
(١) شعر الشنفرى ١ / ٣٦ (ضمن الطرائف الأدبية عبد العزيز الميمني) ، وانظر تحقيق نسبة البيت هناك والرواية فيه : «أبشري أم عامر». وأورد بعده :
إذا احتملوا رأسي وفي الرأس أكثري |
|
وغودر عند الملتقى ثمّ سائري |
هنا لك لا أرجو حياة تسرّني |
|
سجيس الليالي مبسلا بالجرائر |
(٢) ديوانه : ٢.