وأهل بيت رسوله فأبغضه ؛ فيقول جبرئيل لملك الموت : إنّ هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيته فأبغضه وأعنف به ، فيدنو منه ملك الموت ؛ فيقول : يا عبد الله أخذت فكاك رقبتك؟ أخذت أمان براءتك؟ تمسّكت بالعصمة الكبرى في دار الحياة الدنيا؟ فيقول : وما هي؟ فيقول : ولاية علي بن أبي طالب ؛ فيقول : ما أعرفها ولا أعتقد بها ؛ فيقول له جبرئيل : يا عدو الله وما كنت تعتقد؟ فيقول : كذا وكذا ؛ فيقول له جبرئيل : أبشر يا عدوّ الله بسخط الله وعذابه في النار ، أمّا ما كنت ترجو فقد فاتك ، وأمّا الذي كنت تخافه نزل بك. ثمّ يسلّ نفسه سلّا عنيفا ، ثمّ يوكّل بروحه مائة شيطان كلّهم يبصق في وجهه ويتأذى بريحه. فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب النار ، يدخل إليه من فوح ريحها ولهبها ، ثم إنّه يؤتى بروحه إلى جبال برهوت ، ثمّ إنّه يصير في المركّبات حتى أنّه يصير في دودة ، بعد أن يجري في كلّ مسخ مسخوط عليه ، حتى يقوم قائمنا أهل البيت ، فيبعثه الله ليضرب عنقه ، وذلك قوله : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (١). والله لقد أتي بعمر بن سعد بعد ما قتل ، وأنّه لفي صورة قرد في عنقه سلسلة ، فجعل يعرف أهل الدار وهم لا يعرفونه. والله لا يذهب الدنيا حتى يمسخ عدوّنا مسخا ظاهرا حتّى أنّ الرجل منهم ليمسخ في حياته قردا أو خنزيرا ، ومن ورائهم عذاب غليظ ومن ورائهم جهنّم وساءت مصيرا (٢).
والأخبار في هذا المعنى كثيرة قد جازت عن حدّ الآحاد ، فإن استحال النسخ وعوّلنا على أنّه ألحق بها ، ودلس فيها وأضيف إليها ، فماذا يحيل المسخ؟ وقد صرّح به فيها وفي قوله : (أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) (٣) وقوله : (فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (٤) وقوله : (وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ) (٥).
__________________
(١) سورة غافر ، الآية : ١١.
(٢) أورد الرواية بتمامها عن الرسالة في البحار ، ٤٥ : ٣١٢ ، ٣١٣.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٦٠.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٦٥.
(٥) سورة يس ، الآية : ٦٧.