والأخبار ناطقة بأنّ معنى هذا المسخ هو إحالة التغيير عن بنية الانسانية إلى ما سواها.
وفي الخبر المشهور عن حذيفة أنّه كان يقول : «أرأيتم لو قلت لكم أنّه يكون فيكم قردة وخنازير ، أكنتم مصدّقي فقال رجل يكون فينا قردة وخنازير قال وما يؤمنك لا أمّ لك» (١). وهذا تصريح بالمسخ.
وقد تواترت الاخبار بما يفيد أن معناه : تغيير الهيئة والصورة (٢).
وفي الأحاديث : أنّ رجلا قال لأمير المؤمنين عليهالسلام ـ وقد حكم عليه بحكم ـ :
والله ما حكمت بالحقّ ؛ فقال له : اخسأ كلبا ، وأنّ الأثواب تطايرت عنه وصار كلبا يمصع بذنبه (٣).
وإذا جاز أن يجعل الله جلّ وعزّ الجماد حيوانا ، فمن ذا الذي يحيل جعل حيوان في صورة حيوان آخر.
رعاني الرأي لسيدنا الشريف الأجل «أدام الله علاه» في إيضاح ما عنده. الجواب :
إعلم أنّا لم نحل المسخ ، وإنّما أحلنا أن يصير الحيّ الذي كان انسانا نفس الحيّ الذي كان قردا ؛ أو خنزيرا. والمسخ أن يغيّر صورة الحيّ الذي كان انسانا يصير بهيمة ، لا أنّه يتغيّر صورته إلى صورة البهيمة.
والأصل في المسخ قوله تعالى : (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) وقوله تعالى : (وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ).
وقد تأوّل قوم من المفسرين آيات القرآن التي في ظاهرها المسخ ، على أنّ
__________________
(١) راجع الدر المنثور ٢ / ٢٩٥.
(٢) أورد العلامة المجلسى جملة منها في البحار ٧٦ / ٢٢٠ ـ ٢٤٥.
(٣) يمصع بذنبه : أى يحركه ، كأنه يتملق بذلك.