والعوان : دون المسنّة وفوق الصغيرة ؛ وهي النّصف التي ولدت بطنا أو بطنين ؛ يقال : حرب عوان إذا لم تكن أوّل حرب وكانت ثانية ؛ وإنّما جاز أن يقول : (بَيْنَ ذلِكَ) «وبين» لا يكون إلّا مع اثنين أو أكثر ؛ لأنّ لفظة «ذلك» تنوب عن الجمل ، تقول : ظننت زيدا قائما ، ويقول القائل : قد ظننت ذلك.
ومعنى «فاقع لّونها» ، أي خالصة الصفرة ، وقيل : إنّ كلّ ناصع اللون ـ بياضا كان أو غيره ـ فهو فاقع. وقيل : أنّه أراد ب «صفراء» هاهنا سوداء.
ومعنى قوله تعالى : (لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ) أي تكون صعبة لا يذلّلها العمل في إثارة الأرض وسقي الزرع.
ومعني «مسلّمة» ، مفعلة ، من السلامة من العيوب ، وقال قوم : مسلّمة من الشّية ، أي لاشية فيها تخالف لونها.
وقيل : «لّا شية فيها» ، أي لا عيب فيها ؛ وقيل : لا وضح ، وقيل : لا لون يخالف لون جلدها ، والله أعلم بما أراد ، وإياه نسأل حسن التوفيق (١).
[الثاني : يمكن الاستدلال بهذه الآيات على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب] ووجه الدلالة أنّه تعالى أمرهم بذبح بقرة لها هذه الصفات المذكورة كلّها ، ولم يبيّن في أوّل وقت الخطاب ذلك حتّى راجعوه واستفهموه ، حتّى بيّن لهم المراد شيئا بعد شيء ، وهذا صريح في جواز تأخير البيان.
فإن قيل : لم زعمتم أن الصفات كلّها هي للبقرة الأولى التي أمروا بذبحها ، وما أنكرتم أن يكونوا أمروا في الخطاب الأوّل بذبح بقرة من عرض البقر ، فلو امتثلوا وذبحوا أيّ بقرة اتّفقت كانوا قد فعلوا الواجب ، فلمّا توقّفوا ، وراجعوا تغيّرت المصلحة ، فأمروا بذبح بقرة غير فارض ولا بكر ، من غير مراعاة لباقي الصفات. فلمّا توقّفوا أيضا تغيّرت المصلحة في تكليفهم ، فأمروا بذبح بقرة صفراء. فلمّا توقّفوا ؛ تغيّرت المصلحة ، فأمروا بذبح ما له كلّ الصفات. وإنّما
__________________
(١) الأمالي ، ٢ : ٣٤.