وصلحت أحواله لا يكون ظالما ، فيجب بحكم الآية أن لا يمتنع أن يناله العهد ، وليس المراد أن الظالمين لا ينالون العهد وإن خرجوا من أن يكونوا ظالمين ، وإنّما المراد في حال ظلمهم ، كما إنه تعالى لمّا قال (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) (١) فالمراد بذلك في حال إيمانهم وقوله تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) امّا أن يراد به النبوّة [أو أن يكون قدوة في الصلاح ؛ لأنّا قد بيّنا أنه لا تدخل تحت ذلك الإمامة التي هي بمعنى إقامة الحدود ، وتنفيذ الأحكام ، فإن أريد به النبوّة] (٢) فمن حيث دلّ الدليل على أن من حقّ النبيّ أن لا يقع منه كفر ولا كبيرة ، يجب أن لا يكون ظالما في حال من الأحوال (٣) ، وإن أريد به الوجه الآخر فغير ممتنع أن يكون ظالما في حال ثمّ يصلح فيقتدى بطريقته وعلمه ، وبعد فلا يمتنع أن يقع من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المعصية الصغيرة التي تكون ظلما فلا بدّ من أن يقال : إنّه تعالى أراد بالكلام الظلم المذموم ، وما زال بالتوبة كالصغيرة في هذا الباب فهذا ممّا يبيّن فساد ما تعلّقوا به من ظاهر الآية ، فأمّا الطريقة الأخرى فقد بيّنا الكلام عليها في باب النبوّات (٤) ، وأن ماله وجب في الرسول أن يكون منزّها عن الكفر والكبائر ، هو كونه حجّة فيما تحمله ، وأن الإمام في أنه بخلافه بمنزلة الأمير والحاكم ، وذلك يسقط ما تعلّقوا به ...» (٥).
يقال له : قد اعتمد بهذه الآية التي ذكرتها قوم من أصحابنا ، والاستدلال على القول بالعموم ، وأن له صيغة يقتضي ظاهرها الاستغراق ، فمن لا يذهب إلى ذلك من أصحابنا لا يصحّ له الاستدلال بهذه الآية في هذا الموضع ، ومن ذهب إلى العموم منهم صحّ له ذلك ، ويمكن أن يستدلّ بها على أمرين :
أحدهما : أن من كان ظالما في وقت من الأوقات فلن يجوز أن يكون إماما ، ويبنى على ذلك القول بإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا
__________________
(١) سورة الأحزاب ، الآية : ٤٧.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من «المغني».
(٣) في المغني «على كلّ حال من الأحوال».
(٤) باب النبوءات يعني المغني وهو في الجزء الخامس عشر منه.
(٥) المغني ، ٢٠ / ١٩٤.