فصل ؛ لأنّ من تولّى الأمر غيره قد كان ظالما فيما سلف من أحواله.
والأمر الآخر : أن يبيّن اقتضاء الآية لكون الإمام معصوما ؛ لأنّها إذا اقتضت نفي الإمامة عمّن كان ظالما على كلّ حال ، سواء كان مسرّ الظلم أو مظهرا له ، وكان من ليس بمعصوم وإن كان ظاهره جميلا ، يجوز أن يكون مبطنا للظلم والقبح ، ولا أحد ممن ليس بمعصوم يؤمن ذلك منه ، ولا يجوز فيه ، فيجب بحكم الآية أن يكون من يناله العهد الذي هو الإمامة معصوما حتى يؤمن استسراره بالظلم ، وحتى يوافق ظاهره باطنه ، والكلام الذي طعن به صاحب الكتاب في الاستدلال بالآية غير صحيح ؛ لأنّ عموم ظاهرها يقتضي أن الظالم في حال من الأحوال لا ينال الإمامة ، ومن تاب بعد كفر أو فسق وإن كان بعد التوبة لا يوصف بأنه ظالم فقد كان ممن يتناوله الاسم ، ودخل تحت الآية ، وإذا حملنا الآية على ما توهّم صاحب الكتاب من أن المراد بها من دام على ظلمه ، واستمر عليه ، كان هذا تخصيصا بغير دليل والقول بالعموم يمنع منه ، وكيف يجوز لصاحب الكتاب أن يقول : «إنّ زوال الاسم بالتوبة يخرج المستحق لذلك من عموم الاسم الوارد» وهو يقول في جميع آيات الوعيد أنها مخصوصة ، وأن التائبين وأصحاب الصغائر خارجون منها بالأدلّة الموجبة لإخراجهم ، وأن آيات الوعيد مخصوصة أيضا بالأدلّة الموجبة لاستثناء من أحبط ثواب إيمانه بندم عليه أو كبيرة تصحبه ، فلو كان الأمر على ما ادّعاه في هذه الآية من خروج من تاب من ظلمه عن عموم قوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) من غير دلالة ، بل لأنّ الاسم لا يتناوله على ما ادّعاه لوجب مثل ذلك في آيات الوعد والوعيد ، وأن يقول : إنها غير مخصوصة ولا مستثناة بأدلّة العقول وغيرها ، ويجعل التائب وغيره خارجا من الاسم واللفظ ولا يحتاج أن يخرجه بدلالة ، وهذا ظاهر البطلان عنده وعند كلّ من قال بالعموم.
فأما معارضته بقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) فلو لم تقم الدلالة على أن المراد بذلك في حال إيمانهم وسلامتهم أيضا من الاحباط على قول من ذهب إليه لم يجعل القول مخصوصا بمن كان في الحال مؤمنا ، وإنّما جعل كذلك ؛