شاركت فيه غيرها من الفقهاء هي إجماعها عليه ؛ لأن إجماعها حجّة قاطعة ودلالة موجبة للعلم فإن انضاف إلى ذلك ظاهر كتاب الله جلّ ثناؤه أو طريقة أخرى توجب العلم وتثمر اليقين فهي فضيلة ودلالة تنضاف إلى أخرى وإلّا ففي إجماعهم كفاية.
وإنّما قلنا : إن إجماعهم حجّة ؛ لأن في إجماع الإمامية قول الإمام الّذي دلّت العقول على أن كلّ زمان لا يخلو منه ، وأنه معصوم لا يجوز عليه الخطأ في قول ولا فعل فمن هذا الوجه كان إجماعهم حجّة ودليلا قاطعا» (١).
ثمّ يقول في عبارة أخرى وضمن بيانه لتماميّة الحجّة على من سمع هذه الأدلّة : «وإذا كانت الجملة الّتي أشرنا إليها هي الحجّة في جميع مذاهب الشيعة الإمامية في أحكام الفقه فعلى من شك في شيء من مذاهبهم وارتاب بصحّته أن يسأل عن صحّة ذلك ، فإذا أقيمت فيه عليه الحجّة بالطريقة الّتي أشرنا إليها وجب زوال ريبه وحصول علمه ، وبرئت عهدة القوم فيما ذهبوا إليه ببيان الحجّة فيه والدلالة عليه ، وما يضرهم بعد ذلك خلاف من خالفهم ، كما لا ينفع وفاق من وافقهم».
إذا فإجماع الشيعة يكون حجّة عند أهل السنّة.
ب ـ لقد مرّ أنّ الإجماع عند أهل السنّة يعتبر من أدلّة استنباط الأحكام ؛ إلّا أنّ السيّد المرتضى وفي كتابه «الذريعة» يدّعي إمكان إثبات أمور من خلال الإجماع قد ثبتت بعد فترة الإمامة ، يقول رحمهالله :
«وإذا كنّا إنّما نرجع في كون الإجماع حجّة إلى قول الإمام المعصوم الّذي لا يخلو كلّ زمان منه ، فيجب أن نقول : كل شيء تقدّمت معرفة وجوب وجود الإمام المعصوم في كلّ زمان له ، فقول الإمام حجّة فيه ، والإجماع الّذي يدخل هذا القول فيه أيضا حجّة في مثله. فأمّا ما لا يمكن المعرفة بوجود الإمام المعصوم قبل المعرفة به ، فقوله ليس بحجّة فيه ، كالعقليّات كلّها.
__________________
(١) الانتصار : ٥ و ٦.