تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)، والأمر بالإتمام يقتضي الأمر بالابتداء.
وروي عن عائشة أنّها قالت : يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ فقال : «نعم» ، فقلت : فما ذلك الجهاد؟ قال : (الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) (١) (٢).
[الثاني :] وممّا إنفردت به الإمامية القول : بأن الاحرام قبل الميقات لا ينعقد ...
دليلنا ـ بعد الاجماع الذي مضى ـ أنّ معنى ميقات في الشريعة ، هو الذي يتعيّن ولا يجوز التقدّم عليه ، مثل مواقيت الصلاة ، فتجويز التقدّم على الميقات يبطل معنى هذا الاسم.
وأيضا فلا خلاف في أنّه إذا أحرم من الميقات إنعقد حجّه ، وليس كذلك إذا أحرم قبله ، وينبغي أن يكون من إنعقاد إحرامه على يقين ، فإن عارض المخالف بما يروونه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) إنّ إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك (٣).
فالجواب أنّ هذا خبر واحد ، وقد بيّنا أنّ أخبار الآحاد لا توجب عملا ، كما لا توجب علما ، ثمّ ذلك محمول على من منزله دون الميقات ، فعندنا أنّ كلّ من كان كذلك فميقاته منزله ، فان اعترضوا بما يروونه عن أمّ سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : من أحرم من بيت المقدس غفر الله له ذنبه (٤).
وفي خبر آخر من أهلّ بعمرة أو حجّة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام وجبت له الجنّة (٥).
فالجواب عنه ـ بعد أنّه خبر واحد ـ حمله على أنّ من عزم على ذلك ونواه
__________________
(١) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٩٦٨.
(٢) الناصريات : ٣٠٦.
(٣) المغني (لابن قدامة) ، ٣ : ٢١٥.
(٤) سنن ابن ماجة ، ٢ : ٩٩٩.
(٥) سنن البيهقي ، ٥ : ٣٠.