وقصد من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر الله له ، وقد يسمّى القاصد إلى الأمر باسم الفاعل له والداخل فيه ، وهذا أكثر في اللسان العربي من أن يحصى (١).
[الثالث :] وممّا إنفردت به الإمامية القول : بأنّ التمتع بالعمرة إلى الحج هو فرض الله تعالى على كلّ من نأى عن المسجد الحرام لا يجزيه مع التمكّن سواه ، وصفته أن يحرم من الميقات بالعمرة ، فإذا وصل إلى مكة طاف بالبيت سبعا وسعى بين الصفا والمروة سبعا ، ثم أحلّ من كلّ شيء أحرم منه ، فإذا كان يوم التروية عند زوال الشمس أحرم بالحج من المسجد الحرام وعليه دم المتعة ، فان عدم الهدي وكان واجدا لثمنه تركه عند من يثق به من أهل مكّة حتّى يذبح عنه طول ذي الحجة ، فان لم يتمكّن من ذلك أخّره إلى أيام النحر من العام القابل ، ومن لم يجد الهدي ولا ثمنه كان عليه صوم عشرة أيام قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، فمن فاته ذلك صام ثلاثة أيام من أيام التشريق ، وباقي العشرة إذا عاد إلى أهله ...
دليلنا الاجماع المتردد ، ويمكن أن يستدلّ أيضا على وجوب التمتّع بأن الدليل قد دلّ على وجوب الوقوف بالمشعر ، وأنّه مجزى في تمام الحجّ عن الوقوف بعرفة إذا فات ، وكلّ من قال بذلك أوجب التمتّع بالعمرة إلى الحج فالقول بوجوب أحدهما دون الآخر خروج عن إجماع المسلمين ، ويمكن أن يستدلّ على ذلك بقوله تعالى : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (٢) وأمره تعالى على الوجوب والفور ، فلا يخلو من أن يأتي بهما على الفور بأن يبدء بالحج ويثني بالعمرة أو يبدء بالعمرة ويثني بالحج أو يحرم بالحج والعمرة معا ، والأول يفسد بأنّ أحدا من الأمة لا يوجب على من أحرم بالحج مفردا أن يأتي عقيبه بلا فصل بالعمرة ، والقسم الأخير باطل عندنا ؛ لأنّه لا يجوز أن يجمع في إحرام واحد بين الحجّ والعمرة كما لا يجمع في إحرام واحد بين حجتين أو عمرتين ، فلم يبق
__________________
(١) الانتصار : ٩١.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ١٩٦.