يثبت حق الشفعة للمسلم على الذمّي ، فخصّ نفي الربا بالذمّي والمسلم على سبيل الحظر بظنّ ظاهر (١) ؛ فانّه يجوز للمسلم أن يأخذ من الذمّي الفضل في مواضع (٢) الذي يكون فيه ربا ، وإن لم يجز ذلك للذمّي ، كما جاز في الميراث والشفعة.
فإن قيل : فما الذي يدعوا إلى الانصراف عن ظواهر الأخبار المروية في نفي الربا بين الجماعة المذكورة إلى هذا التعسّف من التأويل؟
قلنا : ما عدلنا عن ظاهر إلى تأويل متعسّف ؛ لأنّ لفظة النفي في الشريعة إذا وردت في مثل هذه المواضع التي ذكرناها ، لم يكن ظاهرها للإباحة دون التحريم والتغليظ ، بل هي محتملة لكلّ واحد من الأمرين إحتمالا واحدا ، ولا تعسّف في أحدهما.
ولم يبق إلّا أن يقال : فإذا احتملت الأمرين فلم حملتموها على أحدهما بغير دليل؟
وهاهنا دليل يقتضي ما فعلناه وهو أنّ الله تعالى حرّم الربا في آيات محكمات من الكتاب لا إشكال فيها ، فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨)) (٣) وقال : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) (٤) وقال جل اسمه : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) (٥).
والاخبار الواردة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن ولده من الائمّة عليهمالسلام في تحريم الربا وحظره ، والنهي عن أكله ، والوعيد الشديد على من خالف فيه أكثر من أن تحصى.
وقد علمنا أنّ لفظة «الربا» إنّما معناه الزيادة ، وقرّرت الشريعة في هذه اللفظة أنّها زيادة في أجناس وأعيان مخصوصة. وخطاب الله تعالى وخطاب
__________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) ظ : الموضع.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٨.
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٣٠.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٥.