رسوله يجب حملهما على العرف الشرعي دون اللغوي ، فيجب على هذا أن يفهم من ظواهر الآيات والأخبار أنّ الربا الذي هو التفاضل في الأجناس المخصوصة محرّم على جميع المخاطبين بالكتاب على العموم ، فيدخل في ذلك الولد والزوج والذمي مع المسلم ، وكلّ من أخذ وأعطى فضلا.
فإذا أوردت أخبار بنفي الربا بين بعض من تناوله ذلك العموم ، حملنا النفي فيها على ما ذكرناه بما يطابق تلك الآيات ويوافقها ، ولا يوجب تخصيصها وترك ظواهرها (١).
[هذا ولكن رجع عن ذلك في الانتصار ، قال :]
وممّا إنفردت به الإمامية القول : بأنّه لا ربا بين الولد ووالده ، ولا بين الزوج وزوجته ، ولا بين الذمّي والمسلم ، ولا بين العبد ومولاه ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك فأثبتوا الربا بين كلّ من عددناه (٢) ، وقد كتبت قديما في جواب مسائل وردت من الموصل تأوّلت الأخبار التي ترويها أصحابنا المتضمّنة لنفي الربا بين من ذكرناه على أنّ المراد بذلك وإن كان بلفظ الخبر معنى الأمر ، كأنه قال : يجب أن لا يقع بين من ذكرناه ربا ، كما قال تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٣) ، وكقوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ) (٤) ، وقوله عليهالسلام : العارية مردودة والزعيم غارم (٥) ؛ ومعنى ذلك كلّه معنى الأمر والنهي وإن كان بلفظ الخبر. وأما العبد وسيّده فلا شبهة في نفي الربا بينهما ؛ لأنّ العبد لا يملك شيئا ، والمال الذي في يده مال لسيّده ، ولا يدخل الربا بين الانسان ونفسه ؛ ولهذا ذهب أصحابنا إلى أنّ العبد إذا كان لمولاه شريك فيه حرّم الربا بينه وبينه. واعتمدنا في نصرة هذا المذهب على عموم ظاهر القرآن ، وأنّ الله تعالى حرّم الربا على كلّ متعاقدين ، وقوله تعالى : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا)، وهذا الظاهر يدخل تحته الوالد وولده ، والزوج والزوجة.
__________________
(١) الرسائل ، ١ : ١٨١.
(٢) المجموع ، ٩ : ٣٩١ ، ٣٩٢.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ٩٧.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ١٩٧.
(٥) عوالي اللآلي ، ١ : ٣١٠ ح ٢١.