وعلى كلّ حال كانت رسالة المدرسة البغداديّة الدفاع مقابل الهجمات والشبهات الّتي كانت تطرحها هذه الفئة وبعض الفئات الأخرى. وكانت هذه بالذات السبب في أن تكون أكثر المصادر التفسيريّة الّتي وصلتنا عن كبار علماء الإماميّة في ذلك العصر بصدد الإجابة على ذلك الصنّف من الآيات الّتي يصطلح عليا المتشابهة والّتي كانت السبب في تشويه وقلب المفاهيم القرآنية من قبل المعتزلة وغيرهم وذلك استنادا لهذا النمط من الآيات.
وقد ساهم هذا الأمر في أن يصب كلّ مفسّر وحتّى الأكابر منهم اهتمام الرئيسي بالبحث في الآيات المتشابهة أو المبهمة لعامّة الناس ، وهذا ما يمكن الاستشهاد عليه بوضوح بما ورد في مقدّمة «رسالة في تفسير الآيات المتشابهة من القرآن» تأليف السيّد المرتضى ، وكتاب «حقائق التأويل» للسيّد الرضي أيضا.
لكن ينبغي أن لا ننسى الجوانب الفقهيّة ، وشأن النزول والعلوم الأدبية المتبقيّة ضمن آثارهم.
٣ ـ تفسير بعض الاصطلاحات اللازمة للبحث من منظار السيّد المرتضى :
«النصّ : هو كلّ خطاب أمكن معرفة المراد به.
وقد ذهب قوم إلى أنّ النصّ ما لا تعترض الشبهة في المراد به. ومنهم من قال كلّما تناول الحكم بالاسم ، فهو نصّ. ولا يجعل المجمل نصّا.
وما قلناه في حدّ النصّ أولى ؛ لأنّه لا خلاف بين الأمّة في أنّ الله ـ تعالى ـ قد نصّ على الصلاة والزكاة مع حاجتهما إلى البيان. ويسمون اللّفظ نصّا. وإن كان فيه احتمال واشتباه.
المفسّر : فهو الّذي يمكن معرفة المراد به.
المجمل : في عرف الفقهاء ، فهو كلّ خطاب يحتاج إلى بيان ، لكنّهم لا يستعملون هذه اللفظة إلّا فيما يدلّ على الأحكام. والمتكلّمون يستعملون فيما يكون له هذا المعنى لفظ المتشابه ، ولا يكادون يستعملون لفظ المجمل في المتشابه.