وروى الكوفيّ في تفسيره الخبر عن ابن عباس وفيه : أنها قالت لهما : فلله عليكما الميثاق إن أعطيتكما الكتاب أن لا تقتلاني ولا تصلباني ولا تردّاني إلى المدينة. فقالا : نعم. فأخرجته من شعرها. فخلّيا سبيلها. ورجعا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فأعطياه الصحيفة فاذا فيها : «من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة : إنّ محمدا قد نفر ، وإنّي لا أدري إياكم اريد أو غيركم ، فعليكم بالحذر». فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله فأتاه فقال له : يا حاطب ، تعرف هذا الكتاب؟ قال : نعم! قال : فما حملك عليه؟ فقال : أما والذي أنزل عليك الكتاب ، ما كفرت منذ آمنت ، ولا أجبتهم منذ فارقتهم ، ولكن لم يكن أحد من أصحابك إلّا وله بمكة عشيرة تمنعه فأحببت أن أتّخذ عندهم يدا. ثم قد علمت أن الله ينزل بهم بأسه ونقمته ، وأنّ كتابي لا يغني عنهم شيئا!
فصدّقه رسول الله وعذّره. فأنزل الله تعالى على رسوله من (سورة الممتحنة) :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ* إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ* لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(١) * قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ
__________________
ـ هذا إن صح الخبر ، وسيأتي أن هذا الخبر يتضمن نقض الغرض من كتمان المرام على أهل البلد الحرام وأن الراجح الخبر التالي عن تفسير فرات الكوفي مما لا يتضمن نقض الغرض والاعلام. ولعلّ هذا هو السرّ في إعراض الطبرسي في مجمع البيان عمّا في التبيان.
(١) تفسير فرات الكوفي : ٤٨٠ والقمي ٢ : ٣٦٢ والتبيان ٩ : ٥٧٥ و ٥٧٦ ومجمع البيان