ثم قال : يا حذيفة فانهض بنا أنت وعمار وسلمان (كذا) وتوكلوا على الله ، فاذا جزنا الثنية الصعبة فأذنوا للناس أن يتّبعونا. فصعد رسول الله وهو على ناقته وحذيفة وسلمان أحدهما آخذ بخطام ناقته يقودها ، والآخر خلفها يسوقها ، وعمار الى جانبها ، والقوم على جمالهم ورجالتهم منبثّون حوالي الثنية على تلك العقبات ، وقد جعل الذين فوق الطريق حجارة في دباب (قرب) فدحرجوها من فوق لينفروا الناقة برسول الله لتقع في المهوى الذي يهوّل الناظر النظر إليه من بعد ، ولكنّها لما قربت من ناقة رسول الله ارتفعت ارتفاعا عظيما فجاوزت ناقة رسول الله فسقطت في جانب المهوى ، ولم يبق منها شيء الا صار كذلك ، وناقة رسول الله كأنها لا تحسّ بشيء من تلك القعقعات التي كانت للدباب.
ثم قال رسول الله لعمّار : اصعد الجبل فاضرب بعصاك هذه وجوه رواحلهم فارم بها. ففعل عمّار ذلك ، فنفرت بهم فبعضهم سقط فانكسرت عضده ، ومنهم من انكسرت رجله ، ومنهم من انكسر جنبه (١).
__________________
(١) التفسير المنسوب الى الامام العسكري عليهالسلام وعنه في الاحتجاج للطبرسي ١ : ٦٤ ـ ٦٦ وعنهما في بحار الأنوار ٢١ : ٢٢٩ ـ ٢٣١.
وقال الواقدي : وكان رسول الله ببعض الطريق وأمامه عقبة اذ مكر به اناس من المنافقين وائتمروا أن يطرحوه من تلك العقبة ، واخبر رسول الله خبرهم ، فلما بلغ رسول الله تلك العقبة قال للناس : اسلكوا بطن الوادي فانه أوسع لكم وأسهل. فسلك الناس بطن الوادي وسلك رسول الله العقبة ، وأمر عمار بن ياسر أن يأخذ بزمام الناقة يقودها ، وأمر حذيفة بن اليمان يسوق من خلفه.
فبينا رسول الله يسير في العقبة اذ سمع حسّ القوم قد غشوه ، فأمر حذيفة أن يردّهم ، فرجع حذيفة إليهم وجعل يضرب وجوه رواحلهم بمحجن في يده ، فانحطوا من العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس. ورجع حذيفة حتى أتى رسول الله فساق به ... فقال له النبي :