وفي نظري القاصر أنّ هذا الجواب لا يتم عند الشيخ ومن يعمل بالأخبار من غير جهة الأسانيد ووصفها المعتبر ، فالإشكال علىٰ الشيخ ونحوه متوجه ، والمعارض غير صريح في كون الماء صار مسخناً .
نعم لو كان صريحاً أو استفيد من ظاهره ذلك أمكن أن يقال : إنّ الحديثين مع العمل بهما لا يصير ظن الضرر متحققاً ، نظراً إلىٰ المعارض بل يصير شكاً ، وحينئذٍ يمكن الحمل علىٰ الكراهة .
والعجب من الوالد قدسسره أنّه لم يتعرض لتحقيق الحال في هذا ، ولعل العذر له ضعف الأخبار ، إلّا أنّه ذكر الاعتراض والجواب قانعاً به ، فتأمّل .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الشيخ في الخلاف اشترط في الحكم بالكراهة القصد إلىٰ التسخين ، وجعل الإجماع مقيّداً به (١) ، وجماعة من الأصحاب لم يفرقوا (٢) ، ووافق الشيخ جماعة علىٰ اعتبار القصد (٣) .
والأخبار كما ترىٰ لا تصلح للاعتماد ، والإجماع المدعىٰ من الشيخ خاص بالقصد ، وربما يستفاد من الخبر الذي رواه إبراهيم بن عبد الحميد القصد ، فيؤيّد الإجماع ، إلّا أنّ العلّة ربما تأبىٰ ذلك ، والأمر سهل .
__________________
(١) الخلاف ١ : ٥٤ .
(٢) منهم العلّامة في نهاية الاحكام ١ : ٢٢٦ ، والشهيدان في البيان : ١٠٢ ، والذكرىٰ ١ : ٧٨ . وروض الجنان : ١٦١ ، والمسالك ١ : ٢٢ ، والكركي في جامع المقاصد ١ : ١٣٠ .
(٣) منهم الحلي في السرائر ١ : ٩٥ ، ويحيىٰ بن سعيد الحلي في الجامع للشرايع : ٢٠ .