وصرفها على الفقراء بنفسه وشرائه لهم ما يحتاجون وغير ذلك بخلاف ذلك ، بل يمكن دعواه أيضا منها بأن الخيار له ، وأنه ليس لأحد منازعته ومعارضته ، فيعطي منها ما يشاء لمن يشاء من غير فرق بين زكاة الأنعام وغيرها ، بل لعل السيرة القطعية على ذلك ، خصوصا في أمثال هذه الأوقات التي ليس للزكاة فيها سعاة ، بل كأنه من ضروريات المذهب بل الدين ، وبذلك أو بعضه يخرج عن قاعدة الشركة كما خرج عنها في الإعطاء من غير العين وإعطاء القيمة والتصرف في النصاب بعد الضمان ونحو ذلك ، ولعله لذا حمل القول بها على الندب في محكي التذكرة والبيان ، فقال في الأول : وقيل يقرع ، وهو على الندب ، وقال في الثاني : وقيل يقرع ، وهو على الندب ، مع أنه لولا التسامح والخلوص من شبهة الخلاف لكان الندب محل بحث أيضا.
فمن الغريب ما أطنب به بعض فضلاء متأخري المتأخرين من اعتبارها في المقام مراعيا قاعدة الشركة. فقال بعد دعوى الإجماع عليها من الخصم وغيره : « إن قسمة المال المشترك تكون بالقرعة عندهم إلا ما شذ ، لأنها نوع معاوضة عن حق كل من الشريكين بالآخر على وجه اللزوم الثابت عندهم بالقرعة ، للإجماع ، ولأنها لكل أمر مشكل ، ومجرد التراضي بدونها إنما يفيد إباحة التصرف ، فالمراد حينئذ من وجوبها اعتبارها في اللزوم نحو ما ذكروه في المعاملات بالنسبة إلى صيغها بعد تجويز المعاطاة » وهو من غرائب الكلام ، ضرورة ظهور النصوص بل صراحتها في عدم توقف الملكية عليها ، خصوصا خبر سماعة (١) منها « إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله يصنع بها ما شاء » ولو كان لزوم القسمة منحصرا في القرعة لكان الواجب على الشارع إظهاره في مقام من المقامات فضلا عن أن يظهر عكسه ، ودعوى أن هذه النصوص كنصوص البيع في الخلو عن التعرض للصيغة التي يحصل بها اللزوم ـ ولو أن مثل هذا الخلو يقضي
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من أبواب المستحقين للزكاة ـ الحديث ١.