معرفة لحن القول عدم وجوب هذا التحديد ، خصوصا مع ملاحظة ما في الخبرين من التعليل الظاهر في إرادة الكراهة من النهي فيهما ، ضرورة كون المراد منه أنه إذا كان ذلك هو الأقل فرضا فهو الأقل دفعا ، لأن الزكاة اسم للقدر المخصوص من المال ، فمع فرض كون أقله ذلك كان الناقص منه ليس زكاة ، فلا يصدق عليه أن المأتي زكاة حتى يكون خمسة فصاعدا ، ولا يخفى عليك كونه تعليل مناسبة للحكم لا تعليلا له حقيقة لوجوه لا تخفى ، ولعل الأشد من ذلك كراهة الأقل من الدرهم والقيراطين وإن كنا لم نعثر على ما يدل على ذلك صريحا ، وإجماع المرتضى في المصريات متبين خلافه ، على أنه غير صريح ، لأن المحكي عنه أنه قال فيها : إن أقل ما يجزي من الزكاة درهم للاحتياط وإجماع الفرقة المحقة ، لأن من أخرج هذا المبلغ أجزأ عنه وسقط ما في ذمته بالإجماع ، وليس الأمر على ذلك فيمن أخرج أقل منه ، وهو كما ترى ، نعم لا بأس في القول بشدة الكراهة للتسامح ، وللخروج عن شبهة الخلاف ، ولما يشعر به سؤال المكاتبتين من أن منتهى القلة الدرهم الذي سئل فيهما عن جواز دفعه لا الأقل منه.
كما أنه لم نعثر على التقدير بالنسبة إلى الذهب ، ولعله لذا اقتصر عليها في المقنعة اللهم إلا أن يجعل المراد من الخمسة دراهم ما يقابلها منه ، وهو نصف دينار ، لمعروفية مقابلة العشرة به ، ولعله لذا اقتصر بعضهم كالاسكافي وعلم الهدى والشيخين على ما حكي عنهم على التقدير بالنسبة إليهما خاصة ، فيبقى غيرهما حينئذ على أصالة عدم التقدير ، إنما العجب ما يحكى عن علي بن بابويه من الاقتصار على نصف دينار ، مع أنا لم نعثر على خبر فيه فضلا عما يقتضي الاقتصار عليه ، ونحوه ما في المختلف عن مقنع ولده من أنه يجوز أن يعطى للرجل الواحد الدرهمين والثلاثة ، ولا يجوز في الذهب إلا نصف دينار وكأنه تبع به والده ، لكن الفاضل الأصبهاني قال : إن الموجود فيما حضرني من نسخته الاقتصار على نصف دينار من غير تعرض للدراهم ، كما نقله في الفقيه عن أبيه ، وعلى