حمل النهي في الخبرين السابقين على الكراهة ، وأنه يستحب إعطاء الخمسة فصاعدا.
والمناقشة فيها بأن الأصل مقطوع بالدليل ، والإطلاق لا دلالة فيه على كيفية الإيتاء ، مع أنه يجب تقييده بالدليل كالأصل ، والإجماع مع معارضته بغيره متبين خلافه كما عرفت ، وبأن المراد من حسن عبد الكريم نفي القول بالبسط الذي ادعاه عمرو ابن عبيد المعتزلي كما هو مقتضي مساق الخبر ، لأن الصادق عليهالسلام قال له : « ما تقول في الصدقات؟ فقال له ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) إلى آخر الآية ، قال : فكيف تقسمها؟ قال : أقسمها على ثمانية أجزاء فأعطي كل جزء واحدا ، قال : وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد ما جعلت للعشرة آلاف قال : نعم ، قال : وتجمع صدقات أهل الحضر والبوادي فتجعلهم فيها سواء قال : نعم ، قال : فقد خالفت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل ما قلت في سيرته ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ، ولا يقسم بينهم بالسوية ، وإنما يقسم على قدر ما يحضره منهم وما يرى ، وليس في ذلك شيء موقت موظف ، وإنما يصنع » إلى آخر ما سمعت ، فسياقه يقتضي عدم التوقيت الذي ادعاه عمرو ، والمكاتبتان محمولتان على التقية ، لأن عدم التحديد مذهب العامة ، وحسن الحلبي إنما هو في المصدق والظاهر أن محل الخلاف في الفقير لا في باقي الأصناف المعلوم عدم جريان هذا الخلاف فيه ، إذ العمال والمؤلفة والغارمون لا تقوم بهم الخمسة أو الدرهم ، كما هو واضح.
يدفعها قصور الخبرين عن معارضة الأصل والإطلاق الذي لا معنى لنفي دلالته بعد فرض اندراج معطي الأقل فيه ، وأن المورد لا يخصص الوارد ، والتقية إنما هي محمل اضطراري ، لما فيها من إخراج الخبر عن الحجية ، والمراد من حسن الحلبي عدم التوقيت في أصناف الزكاة لا في خصوص العاملين ، وبالجملة لا يخفى على من رزقه الله