فلا مدخلية لمراعاة حاله حال الوجوب ، إذ هو حينئذ كالدفع بهلال الثاني عشر بناء على عدم استقرار الوجوب إلا بالثاني عشر ، فان ارتفاع صفة الاستحقاق للقابض ما بين الثاني عشر إلى الثالث عشر لا يقتضي فساد ما وقع من الدفع زكاة ، بخلاف صفات الدافع والمال ، فإنه ينكشف حينئذ بفقد شيء منها عدم وجوب الزكاة ، وأن ذلك الوجوب كان ظاهريا كما عرفته في محله.
ومن هنا بان لك فساد آخر في القول بالتعجيل ، ضرورة أنه إذا كان كالوجوب بالأحد عشر شهرا اقتضى عدم اعتبار الحول في الوجوب ، فلا بد من طرح ما دل عليه من النصوص ومعاقد الإجماعات ، كطرح ما تقدم من الأدلة على أن الوجوب إنما يحصل بهلال الثاني عشر وأنه لا وجوب قبله ، وإن اختلفوا في كونه حينئذ مستقرا أو متزلزلا واحتمال أن القائل بالتعجيل يدعي كونه رخصة أو ندبا يسقط به الواجب لا أنه واجب من أول السنة كالخمس عند ظهور الربح يدفعه أنه لا يتم عليه ما ذكره من اعتبار النية كالزكاة في الوقت فيه ، وأنه إن خرج الدافع أو المال عن صفة الوجوب استعيدت العين من المدفوع اليه ، ولو كانت كذلك لم يكن وجه للرجوع ، ضرورة كونه حينئذ كتقديم الغسل يوم الخميس ، وكتقديم صلاة الليل على وقتها ، ولئن أغضينا عن ذلك كله كانت النصوص قاصرة أيضا عن إثبات التعجيل على هذا الوجه ، كقصورها عن إثبات كونه قرضا يكون زكاة قهرا عند حلول وقت الوجوب من غير حاجة إلى نية ونحوها ، فلا وجه حينئذ لحملها عليه أو على كونه قرضا على الزكاة على حسب استقراض المجتهد عليها ، فلا تكون ذمة الفقير حينئذ مشغولة ، ويكون الدفع اليه كالصرف في سبيل الله على الزكاة ، فإنه لا شغل ذمة فيه لأحد ، ولا على كون المراد منها أنه ليس قرضا محضا ولا زكاة معجلة كما يومي اليه بعض الفروع المحكية عن الشيخ ، ولا غير ذلك مما هو مخالف للضوابط والقواعد التي من الواضح قصور هذه النصوص عن معارضتها من وجوه