برجل هو في خربة وبيده سكين متلطخ بالدم فإذا رجل مذبوح متشحط بدمه ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ما تقول؟ قال : أنا قتلته يا أمير المؤمنين عليهالسلام قال : اذهبوا به فأقيدوه ، فلما ذهبوا به ليقتلوه أقبل رجل مسرعا ، فقال : لا تعجلوا وردوه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فردوه فقال : والله يا أمير المؤمنين ما هذا قتل صاحبه أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام للأول : ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال : يا أمير المؤمنين عليهالسلام وما كنت أستطيع أن أقول ، وقد شهدوا علي أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين ملطخ بالدم والرجل متشحط في دمه وأنا قائم عليه وخفت الضرب فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة ، فأخذني البول فدخلت الخربة فوجدت الرجل يتشحط في دمه فقمت متعجبا ، فدخل علي هؤلاء فأخذوني ، فقال عليهالسلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن عليهالسلام وقولوا : ما الحكم فيهما؟ قال : فذهبوا إلى الحسن عليهالسلام وقصوا عليه قصتهما ، فقال الحسن عليهالسلام : قولوا لأمير المؤمنين عليهالسلام : إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيا هذا ، وقد قال الله تعالى ( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) (١) فقال أمير المؤمنين عليهالسلام ( ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ ) فخلى عنهما ، وأخرج دية المذبوح من بيت المال ».
وفي التنقيح وغاية المرام عليها عمل الأصحاب ، وعن السرائر نسبتها إلى رواية أصحابنا ، ولم نجد مخالفا في ذلك إلا ثاني الشهيدين وأبا العباس في ما حكي عنه ، لإرسال الخبر المزبور المنجبر بما عرفت على وجه يصلح قاطعا للأصل ، ولاقتضاء ذلك إسقاط حق المسلم ، لجواز التواطؤ
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ ـ الآية ٣٢.